Document Type : Original papers
Author
theatre department, faculty of arts. Helwan university, Cairo,egypt
Abstract
Keywords
Main Subjects
المسرح هو فن يجمع بين الكلمة والحركة والصورة لإيصال رسالة إلى الجمهور. وقد تطورت أساليب العرض المسرحي على مر العصور، حيث أصبحت العناصر التشكيلية جزءًا أساسيًا في بناء المشهد المسرحي وإيصال الرؤية الفنية. يلعب الفضاء المكاني دورًا محوريًا في تشكيل هذه الرؤية، حيث يمكن للمكان المحدود أن يفرض تحديات على المخرجين والمصممين، مما يستدعي توظيف عناصر رمزية لتحقيق التأثير المطلوب. والباحث عندما صمم الديكور للعرض المسرحي (السلطان يلهو)، واجه مشكلة في مكان تقديم العرض، وهو مسرح مدينة الطلبة بالجيزة، حيث أنه فراغ مستطيل جدا بعرض 10م وارتفاعه 2.5م وعمق 8.5م، وهو فراغ غير متناسق تماما أو متوافق مع الفراغ المتبع في المسارح المغلقة (البروسينيوم)، فكانت المشكلة هو كيفية تصميم منظر مسرحي للحانة الشعبية التي تدور بها أحداث العرض والمنظر به مجموعة كبيرة من الشخصيات المسرحية، ويجب أن تتحقق الرؤية التشكيلية الكاملة والمتعة البصرية أيضا، فلذلك وجد الباحث أن هذه العرض يعد نموذجًا يستحق الدراسة، إذ يجمع بين التحديات المتعلقة بالفضاء المحدود والقدرة على استغلال الرمزية المكانية لإيصال رسالة بصرية وفنية واضحة.
في ظل التطور الكبير في أساليب العرض المسرحي، يبرز تساؤل حول كيفية توظيف الفراغ المحدود ورمزية المكان في تحقيق الرؤية التشكيلية للعروض المسرحية. كيف يمكن للمسرحيات التي تقدم في فضاءات محدودة المساحة أن تنجح في إيصال رسائلها بفعالية؟
وهل يمكن للرموز المكانية أن تسهم في تعويض نقص المساحة وتقديم رؤية فنية متكاملة؟، ينطبق هذا التساؤل تحديدًا على العرض المسرحي السلطان يلهو، الذي يعتمد على إستراتيجيات متقدمة في استخدام الفراغ ورمزية المكان.
يساهم هذا البحث في السعي لفهم العلاقة بين الفراغ المحدود ورمزية المكان في المسرح، وكيف يمكن لهذه العناصر أن تشكل رؤية تشكيلية متميزة ومتكاملة. كما يسعي إلي تقديم إطار نظري يساعد المخرجين والمصممين على استغلال المساحات المحدودة بطرق إبداعية وفعالة. بالإضافة إلى ذلك، يهدف إلى تحليل مدى فعالية استخدام الرموز المكانية في تعزيز الرسالة الفنية والبصرية للعروض المسرحية.
سوف يتبع الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج السيميولوجي، حيث سيتم تحليل العرض المسرحي ( السلطان يلهو) من خلال دراسة العناصر التشكيلية المستخدمة فيه، مع التركيز على توظيف الفراغ المحدود ورمزية المكان، وسيتيح استخدام هذان المنهجان فهمًا أعمق لكيفية استغلال هذه العناصر لتحقيق الرؤية التشكيلية للمسرحية.
1.الحدود الزمانية :- ويقتصر البحث على عرض مسرحية " السلطان يلهو" الذي تم تقديمه عام 2016م ، تصميم الديكور للباحث. ويتناول البحث التحليل الخاص بتوظيف الفراغ المحدود ورمزية المكان في هذا العرض بالتحديد، في الفترة الزمنية التي شهدت عرضه على المسرح.
كما يتضمن البحث دراسة كيفية تأثير الموقع المادي للمسرح في توظيف الفراغ ورمزية المكان على مستوى العرض المسرحي.
تعد مسرحية ( السلطان يلهو ) التي كتبت في نهاية الثمانينيات، هي إحدى الأعمال المميزة للكاتب محفوظ عبد الرحمن (*) ، المعروف بأسلوبه في المزج بين الأدب التاريخي والنقد الاجتماعي. تدور أحداث المسرحية حول سلطان يشعر بالملل من حياة القصر المليئة بالرفاهية والانعزال عن شعبه. في سعيه للخروج من هذا الروتين القاتل واستعادة الشعور بالحيوية، يقرر السلطان التنكر بزي رجل بسيط من عامة الناس والتجول في أرجاء مملكته دون أن يعرفه أحد. وخلال تجوله بالمملكة يواجه السلطان جوانب مظلمة من مملكته لم يكن يعلم بوجودها، من استغلال السلطة والفساد إلى المؤامرات التي تحاك من قبل المقربين منه.
والمسرحية تكشف تدريجيًا عن الفجوة الواسعة بين السلطان وشعبه، وتظهر كيف أن الانعزال عن الناس يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرة على الحكم العادل. كما تسلط الضوء على فكرة أن الحكام غالبًا ما يعيشون في عوالم بعيدة عن واقع رعاياهم، ما يؤدي إلى انعدام فهمهم لاحتياجاتهم ومشاكلهم.
يمتاز النص بتوظيف الذكاء والخيال لطرح قضايا سياسية واجتماعية هامة. والشخصيات مرسومة بعناية لتعكس طبقات المجتمع المختلفة، من السلطان وحاشيته إلى عامة الشعب، مما يسمح بمقارنة تفاعلاتهم وتناقضاتهم. كما يستفيد النص من الرمزية لتقديم نقد مبطن للحكم المطلق، ولإبراز أهمية القرب من الناس ومعرفة همومهم.
ومسرحية (السلطان يلهو) ليست مجرد حكاية خيالية عن سلطان يتنكر، بل هي دراسة اجتماعية ونقد سياسي يطرح تساؤلات حول العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وحول مدى قدرة السلطان على فهم وإصلاح ما يدور في مملكته عندما يقرر الخروج من عزلته. المسرحية تُظهر ببراعة كيف أن اللهو قد يكون وسيلة لاكتشاف الحقائق المؤلمة التي تُغفلها السلطة عادةً. ([1])
إن مسرحية ( السلطان يلهو ) هي عمل درامي يستلهم أجواء العالم العربي القديم، والمسرحية تقدم نقدًا للحكم المطلق والانعزال الذي يمكن أن يقع فيه الحكام، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الفجوة بين السلطة والشعب. يمتزج النص بين الواقعية والخيال، ويتميز بمزيج من الكوميديا والسخرية مع لمسات من الدراما. تتناول المسرحية أيضًا قضايا اجتماعية وسياسية من خلال رمزية الشخصيات والأحداث، مما يعكس قدرة الكاتب على تقديم معالجة فنية لواقع المجتمع بأسلوب يجمع بين الفكاهة والعمق.
" تتناسج دوما في أعمال الكاتب محفوظ عبد الرحمن، المعرفة بالحرية والعدالة الاجتماعية، إنها ثالوث الحياة الكريمة للمجتمع، والدعوة لضرورة أن يثق الحاكم بالشعب، ويحقق لمجتمعه ما يحلم به ويستحقه، وتعد واحدة من أبرز رسائل مسرح محفوظ عبد الرحمن، والتي كشف عنها في مجمل مشواره الدرامي المسرحي منذ نصه الأول المعروف (حفلة على الخازوق) حتى نصه (السلطان يلهو) الذي كتبه في نهاية الثمانينيات ." ([2])
" ويعتبر الكاتب والأديب محفوظ عبد الرحمن، واحداً من رواد الكتابة الدرامية المصرية، بسبب قدرته الإبداعية على توثيق التاريخ المصري ببراعة شديدة، خاصة الدراما التاريخية والسير الذاتية، والتي أظهر خلالها اهتمامه وشغفه في تاريخ النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع خلال الحقبة الزمنية من القرنين التاسع عشر والعشرين، وقدم تجسيداً حياً لذلك الإرث الكبير من التاريخ المصري، إبان حقبة الملكية ونضال الشعب ضد الاحتلال الإنجليزي، وحفر قناة السويس، وما تلاها من متغيرات مجتمعية، ليصبح «ملكاً» دون منازع للدراما المصرية." ([3])
والعرض يعد بمثابة نافذة تأخذنا إلى عالم من الأدب الخيالي، حيث نغوص في أجواء العالم العربي القديم. وتستلهم قصة المسرحية العديد من الروايات المشابهة، لكن هذا العرض يتميز بمزجه بين الواقعية والحداثة في أسلوب التقديم والأفكار. ركز الباحث على تصميم الديكور بطريقة تتماشي وطبيعة القضية الدرامية والمذهب المتبع في التصميم، مع الاهتمام بالألوان والبساطة والأفكار الجديدة. العرض من تأليف محفوظ عبد الرحمن، وإخراج الأستاذ محمد الشبراوي، وتم تقديمه من قِبَل فرقة بيت ثقافة المنيرة الغربية، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، على مسرح مدينة الطلبة بالجيزة في عام 2016م.
قام المخرج محمد الشبراوي بوضع معظم الأحداث الرئيسية للعرض المسرحي في حانة شعبية تجمع بين مختلف طبقات الشعب، وذلك بالاستناد إلى إعداد درامي مأخوذ من النص الأصلي للمسرحية. تم اختصار العديد من المشاهد التي قدمت كمقدمة سردية قبل بدء العرض. اتسمت الحانة بأسلوب يعكس تدني مستوى المكان ورواده، حيث كانت تعبر عن الفقر في كل جوانبها، وهو ما كان يهدف إليه السلطان. كان هدف السلطان هو الجلوس في حانة تضم الطبقات الفقيرة من شعبه، ليسمع ما يقال عنه بصدق من دون تزييف أو مجاملة.
انعكس هذا الهدف في تصميم الحانة، حيث كان من المطلوب أن يعبر التصميم عن الحالة الاجتماعية المتدهورة لجمهور السلطنة، سواء من حيث الألوان أو شكل المكان بشكل عام. وكان التصميم يعتمد على مزج بين الرمزية والواقعية؛ فالواقعية تتجلى في الشكل الطبيعي للحانة الشعبية، بينما تظهر الرمزية في كون هذا المكان مستغلاً من قِبل مرتاديه كنقطة تجمع للثورة ضد الحاكم الظالم. إذ أن الحانة كانت تضم شخصيات مؤثرة مثل قائد العسكر، بشر الراعي، الثوار وحتى السلطانة، وكلهم كانوا يعملون على الإطاحة بالحاكم.
ومع ذلك، واجه المصمم تحدياً في موقع العرض، الذي تم تحديده من قبل الهيئة العامة لقصور الثقافة ليكون على مسرح مدينة الطلبة بالجيزة. هذا المسرح يتميز بفراغ غير مناسب لتقديم عرض مسرحي متكامل بصرياً، حيث يبلغ عرضه حوالي 10 أمتار وارتفاعه 2.5 متر فقط، وهي نسب لا تتوافق مع المعايير البصرية لمسرح الإطار الإيطالي (البروسينيوم)، الذي يتطلب تناسقاً بين الارتفاع والعرض لتكون الصورة مريحة للعين. " فمسرح البروسينيوم، الذي تطور خلال القرن السادس عشر في أوروبا، يُعد الشكل الأكثر شيوعاً للمسارح الحديثة. ويتميز هذا النوع من المسارح بإطار كبير يعرف باسم قوس البروسينيوم الذي يحيط بالجزء الأمامي من المسرح ويصور المشهد مثل لوحة. يوفر هذا الإطار نقطة مشاهدة ثابتة للجمهور، مما يعزز التركيز على الأداء في وسط المسرح. بالنسبة لأبعاد المسرح التقليدية، يتمتع مسرح البروسينيوم عادةً بارتفاع يتجاوز نصف عرض فتحة المسرح، مما يخلق توازناً بصرياً مريحاً للجمهور. والتصميم المعماري لهذا النوع من المسارح يميل إلى تحقيق نسبة تتراوح بين 1:1.5 إلى 1:2 بين العرض والارتفاع، ما يجعل المشاهد أكثر وضوحاً ويساعد في توفير رؤية مثالية من مختلف زوايا قاعة المسرح" ([4])
وللتغلب على هذه القيود، حاول الباحث تقديم حلولاً تشكيلية تحايل بها على الفراغ المحدود، حيث عمل على خلق وهم بصري يجعل المكان يبدو طبيعياً من حيث النسب البصرية، ليتمكن من تقديم التصميم المطلوب دون التأثير على باقي عناصر الصورة المسرحية.
حاول الباحث في التصميمات الاولية للمنظر أن يكون التصميم معبراً على الشكل العام للحانة الشعبية ويكون معبراً أيضاً عن الحدث الدرامي داخل تلك الحانة من حالة الرفض التام لحكم السلطان، من خلال استخدام الرموز لتي تعطي حالة من الرفض للحاكم وتم استخدام الرمز "X" الذي يعبر عن الرفض أو الاعتراض، والذي يستخدم أيضاً كعلامة تحذيرية في المتاريس أو الحواجز، والتي يكون معاناها المباشر او المنع أو الحذر. مع المزج مع تفاصيل الحانة الشعبية من شكل الخشب المستخدم في تكسيه الجدران وشكل الفتحات والنوافذ ، والهدف من التصميم هو استحضار أجواء محلية وأصيلة تتماشى مع طابع الحانة الشعبية.
في الشكل (1)، يظهر فيه تصميمان أوليان لمشهد الحانة في مسرحية السلطان يلهو، حيث تبرز بعض الأوعية الخشبية ( البراميل) الخشبية في مقدمة المشهد، مُضفيةً لمسة من الواقعية ومُعزِّزة للطابع الشعبي للمكان. تعكس (البراميل) روح الحانة الشعبية المرتبطة بروّادها البسطاء، إذ يشكّل (البرميل ) الكبير في المقدمة نقطة تركيز رئيسية، ويُوظَّف كمنضدة أو مكان الارتكاز لمنضدة تقديم الخمور، بينما (البراميل) الصغيرة تُستخدم كعناصر ديكور أو كمقاعد.
يتميز التصميم بهيكل خشبي بسيط وعناصر هندسية واضحة، يعكس هيئة مبنى خشبي قديم يتلاءم مع طبيعة الحانة الشعبية. ويتوسط الحانة باب بارز محاط بإطار معماري يلفت الأنظار إلى المدخل باعتباره عنصرًا محوريًا في المشهد، كونه نقطة دخول الشخصيات الأساسية إلى العرض المسرحي. يوحي التوزيع المتناسق للعناصر بمكان مغلق، يغلب فيه الطابع الخشبي على الجدران والأعمدة، مما يعزّز إحساس الدفء لهذا المكان. أما النوافذ الصغيرة المحيطة بالباب، فهي ذات أشكال هندسية بسيطة باللون الأزرق، تساهم في خلق تباين بصري ينوع ألوان المشهد. الخطوط الواضحة والقوية في التصميم تضفي عليه ثباتًا وبساطة، ما يعزز الانطباع بأن الحانة بُنيت بأسلوب شعبي قوي ومتماسك.
ويستفيد التصميم في كلا الفكرتين من الخطوط العمودية والأفقية لتوجيه النظر نحو المدخل المركزي للحانة، مما يشعر الجمهور بأن المدخل هو النقطة المحورية للأحداث.
تمنح الأشكال الخشبية والأوعية الخشبية التي تستخدم في الجلوس (البراميل) المشهد شعورًا تاريخيًا يعكس أجواء الحكايات الشعبية التي تُروى في الحانات، مما يُضفي عمقًا دراميًا على المسرحية. ويبرز المدخل المُضاء باللون الأحمر كرمز درامي للأحداث التي ستجري داخل الحانة، إذ يعكس اللون الأحمر التوتر أو الحماسة الكامنة.
وتتوزع الإضاءة في المشهد بتوازن، مع التركيز على مناطق محددة لإضفاء إحساس بالدفء. مثل مصابيح الجدران الأمامية، والتي تشبه النوافذ المغلقة، تُضفي ضوءًا خافتًا يلائم أجواء الحانة الهادئة. يعكس هذا النوع من الإضاءة انطباعًا بأن الحانة في فترة هدوء، أو تنتظر حدثًا قادمًا قد يكون أكثر سخونة.
تساهم الجدران الخشبية والنوافذ المغلقة في خلق بيئة مغلقة تُشعر بالعزلة والخصوصية، في حين تُضيف الخطوط العمودية والأفقية نوعًا من النظام والبساطة، مما يحقق الاستمرارية في التصميم. كما أن استخدام شكل "X" على الجدران يمنح المشهد قوة وثباتًا، مما يتماشى مع الطابع التقليدي للحانات الشعبية.
شكل (1) التصميمات الأولية لمشهد الحانة في مسرحية السلطان يلهو، تأليف: محفوظ عبد الرحمن، وتصميم الديكور للباحث، وإخراج الفنان: محمد الشبراوي، تم تقديم العرض على مسرح مدينة الطلبة بمحافظة الجيزة عام 2016م
بعد عرض الأفكار الأولية على المخرج محمد الشبراوي، تم الاستقرار على دمج مجموعة من المشاهد داخل الحانة، التي تقع في أقصى يمين المسرح، مع استخدام إضاءة خافتة خلال تلك الأجزاء، بينما تتواصل باقي الأحداث داخل الحانة مع خفت الإضاءة عليها وكأنها تحدث في مكان بعيد. تلك المشاهد كانت تجمع بين السلطان والوزير، حيث لم تتجاوز هذه المشاهد بضع دقائق، وكانت تدور حول ذكريات يستحضرها السلطان.
كما تم تقديم مشاهد أخرى أمام الستار الأمامي قبل أن يُفتح على منظر الحانة، حيث كانت هذه اللقطات تجمع السلطان بالوزير في مواقع متنوعة، سواء في حرم السلطان داخل قصره، أو في حديقة القصر، أو في الأسواق الشعبية والمقاهي، وهي رحلة السلطان عندما أراد أن يتنكر ويسير في تلك المناطق دون أن يتعرف عليه أحد، حتى استقر الأمر في النهاية على دخولهم إلى الحانة، التي أصبحت الموقع الرئيسي للأحداث.
وعقب مناقشة مشكلات الفراغ المحدود لخشبة المسرح مع المخرج، تم التوافق على أن تغيير المشاهد سيكون تحديًا كبيرًا، في ظل ضيق المساحة وعدم توفر أماكن كافية لتخزين المناظر الجانبية في الكواليس. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك قيود تتعلق بالميزانية المحدودة التي وفرتها الهيئة العامة للثقافة الجماهيرية، التابعة لوزارة الثقافة.
في ظل هذه العقبات، تم الاعتماد على إحداث تغيير في المناطق والأماكن من خلال تحديد بقع إضاءة في عدة مناطق بألوان مختلفة، كرمز لتغير المكان. قام الباحث بعمل مجموعة من المشاهد للمنظر العام للحانة بكل محتوياتها وكذلك مناطق التمثيل المتعددة، باستخدام برامج ثلاثية الأبعاد على الكمبيوتر، لتكون قريبة من الواقع. كما تم وضع نماذج بشرية لتوضيح الشكل العام لتوزيع حركة الممثلين في الفراغ، ومدى علاقتهم بديكور الحانة من حيث النسب والأبعاد والمخارج والمداخل. وسوف يعرضها الباحث في الشكل (2) .
شكل (2) التصميم النهائي لمنظر الحانة في مسرحية السلطان يلهو، تأليف: محفوظ عبد الرحمن، وتصميم الديكور للباحث، وإخراج الفنان: محمد الشبراوي، تم تقديم العرض على مسرح مدينة الطلبة بمحافظة الجيزة عام 2016م
يظهر في الشكل (2) التصميم النهائي لمنظر الحانة في مسرحية السلطان يلهو، وسوف يقوم الباحث بتوصيف وتحليل العناصر الفنية والتشكيلية الظاهرة فيه من حيث العناصر التالية:-
تم تصميم الجدران بحيث تبدو وكأنها مبنية من حجارة كبيرة، مما يعطي انطباعًا بالطراز التقليدي أو التراثي للمكان، والذي يتماشى مع البيئة القديمة التي يرمز لها المشهد وكنوع من رمزية التعبير عن ثقافة المعمار المتبع وقتذاك، فالأحجار الكبيرة التي كانت تبني منها الجدران هي ثقافة قديمة، وعدم تكسيه الجدران بلون او تكسيه جيرية أعلي الحجارة دليل علي المستوي الفقير لتلك الحانة. وتم تزيين الحائط الخلفية بوحدة زخرفية هندسية من الطراز العربي الإسلامي، وتم وضعها في إطار مربع تعطي احساس بشكل نافذة صغيرة أعلى الجدار في الخلفية يمين ويسار باب الدخول الرئيسي للحانة. وتلك الوحدة الزخرفية في لحظة من اللحظات كانت تفتح كنافذة ليظهر منها أحد الشخصيات وكأنه يتلصص على من هم بالحانة من خارجها، ليضفي بعداً مكانيا جديدا في أعلي خلفية المنظر، ليعكس إمكانية توظيف أماكن ومناطق في المنظر غير تلك الظاهرة بداخل فراغ خشبه المسرح، لترمز إلى كيفية التعويض عن نقص الفراغ المتاح ومحدودية فراغ خشبة المسرح.
تم استخدام مجموعة من الأقواس في الجدران الداخلية للحانة. كي تضفي عمقًا وبعدًا مكانيًا وتخلق إحساسًا بالحميمية والعزلة عن العالم الخارجي. ويذكر أحد المستشرقين في القرن التاسع عشر " أن مصر عرفت المقاهي في القرن التاسع عشر، أثناء فترة الحكم العثماني، وقد أحصى العالم إدوارد وليم لين Edward William lien، الذي عاش في القاهرة في بدايات القرن ال 19،في كتاب المصريون المحدثون، أن القاهرة بها أكثر من ألف مقهى، والمقهى غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود، ويقوم على طول الواجهة، ما عدا المدخل، مصطبة من الحجر أو الآجر تفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثة وعرضها كذلك تقريبًا " ( [5]) ، والأقواس ترمز إلى الأمان والانغلاق، وتوحي بأن الحانة مكان مغلق وحميمي، بعيد عن الواقع الخارجي، حيث يمكن للسلطان الهروب والانغماس في لحظات الترفيه واللهو. كما أن وجود الأقواس يخلق إطارًا خاصًا للمشهد ويعزز فكرة أن الحانة مكان مميز بمعمار يربط بين التقليدي والحميمي، ويظهر ذلك بالشكل (3) لبعض المقاهي والحانات الشعبية في القرن 19.
شكل (3)( *) بعض من صور المقاهي والحانات الشعبية في مصر في القرن التاسع عشر ويظهر فيها شكل الاقواس وبعض من الجدران الخشبية والأثاث البسيط من الخشب
تم استخدام مجموعة من الأوعية الخشبية للجلوس (البراميل ) الخشبية شكل (4) كمقاعد للجلوس وكذلك المكان الذي تقدم المشروبات عليه (البار) وتفاصيل أخري بسيطة تمثل أثاث الحانة. وهذه البراميل هي من العناصر التقليدية التي تضيف طابعا شعبياً للحانة والتي كانت تستخدم هذه البراميل من قبل لصنع النبيذ والمشروبات الروحية الأخرى، وهي تعطي الجو القديم وتعكس الروح لتلك الحانات القديمة. وتم تنسيق الطاولات والكراسي بطريقة غير منظمة او مرتبة، مما يعكس طبيعة الحانة كمكان غير رسمي وملاذ للهروب والاحتفال ، وهناك أرفف على الجدران لتوضع عليها زجاجات الخمر، وهي إشارة رمزية واضحة لطبيعة الحانة، ومما يدل على الجو العام للمرح والتسلية في هذا المكان.
شكل (4)( (*مجموعة من الأوعية الخشبية ( البراميل )المستخدمة في حفظ وتخزين النبيذ بالحانة ، والتي تم استخدامها على هيئة مقاعد للجلوس ومناضد وكذلك تكوين مكان تقديم الخمور.
تم وضع عد (2) مستوي أمام الجدار الخلفي المواجه، الموجود به باب دخول الحانة, وذلك بارتفاع 40 سم يمينا ويسارا، وهو أقصي ارتفاع استخدمه الباحث نظريا لمحدودية الفراغ الذي بلغ الارتفاع العام للمنظر فيه 2.50متر..وهذان المستويات كانا لهما وظيفة رمزية غير الجلوس، فكانا تارة منطقة لجلوس السلطانة واخري للسلطان، وتارة اخري لمرتادي الحانة من الثوار، وتم استخدام (البراميل) الخشبية كمقاعد للجلوس وايضاً كمناضد على تلك المستويات.
تم تصميم الإضاءة بحيث تكون خافتة ودافئة، مركزة على بعض الأماكن المحددة لتسليط الضوء على الشخصيات والأحداث الجارية بالحانة ، بينما تترك أماكن أخرى في الظل لتعزيز الشعور بالغموض والعزلة. والإضاءة الدافئة تخلق جوًا حميميًا وتساعد في إظهار الطابع التقليدي للمشهد، كما تعزز الشعور بأن هذا المكان يمثل ملاذًا خاصًا للشخصيات للهرب من الواقع الخارجي. وسوف يستعرض الباحث لاحقاً مجموعة من المشاهد تحتوي علي تصميم الإضاءة لبعض اللحظات الخاصة والعامة للمنظر لترمز إلي تعددية الأماكن بالإضاءة تعويضاً عن نقصها بفراغ خشبة المسرح.
سعى الباحث إلى تصميم ديكور يشجع الحركة الطبيعية للشخصيات داخل المشهد، حيث تم توظيف الفراغ بطريقة تتيح التفاعل الحر والتواصل المباشر بين الشخصيات، مما أضفى على المشهد طابعًا ديناميكيًا وحيويًا. وقد أولى التصميم عناية خاصة بالتفاعل مع القيود التي تفرضها خشبة المسرح، سواء من حيث العرض أو الارتفاع أو العمق المحدود، حيث أسهم تصميم المنظر في توزيع العناصر المكانية والرمزية بما يحقق تناغمًا بصريًا وتشكيليًا دون الإخلال بقواعد الرؤية البصرية للمشهد المسرحي أو الانتقاص من المتعة البصرية للمشاهد. علاوة على ذلك، تم توظيف الفراغ كأداة لتعزيز المعاني الرمزية للأماكن؛ فعلى سبيل المثال، حينما تظهر الشخصيات في أماكن ضيقة، يعكس ذلك الأزمات النفسية والتوترات التي تمر بها، مما يثري التجربة الفنية للجمهور ويعمّق أبعادها الرمزية.
يتضمن الشكل (5) التصميم النهائي لمنظر الحانة، بالإضافة إلى المسقط الأفقي أسفل منه، وتم تصميم المشهد بأسلوب متماثل (سيمتري) على المستوى الرأسي، حيث تتطابق التفاصيل بشكل كبير باستثناء مناطق الجلوس ومنطقة تقديم الخمور على الجهة اليسرى. يعكس هذا التماثل في التصميم رؤية تشكيلية تتوازى مع الفكرة الدرامية للعرض؛ فالسلطان يعتقد أن مملكته تنعم بالرخاء والرفاهية، بينما الواقع يعكس معاناة شديدة، حيث يلجأ الناس إلى الحانات هروبًا من واقعهم المرير، ويتجمعون لتدبير المؤامرات ضد سلطان يسخر من شعبه ويتجاهل احتياجاتهم.
ان هذا التصميم يوظف ويبرز التناقض؛ فرغم التماثل الشكلي الظاهري، ينقسم المشهد وظيفيًا بشكل متعمد. فالجانب الأيمن مخصص لجلوس السلطان ووزيره، بينما الجانب الأيسر مخصص لجمهور الحانة، بما في ذلك الساقي ومدبرو المؤامرة، مما يخلق تضادًا بين الشكل الموحد والوظيفة المتناقضة، وهو أسلوب رمزي يعزز عمق التصميم.
أما في المسقط الأفقي، فيبرز التباين بوضوح بين المنطقة الأمامية، التي تشمل مناطق الجلوس و(البار)، والمنطقة الخلفية، التي تضم مكان جلوس السلطان ومجموعة من جمهور الحانة، مثل قائد الحرس والثوار. وقد تم وضع مستويين متقابلين يمينًا ويسارًا بنفس هيئة مناطق الجلوس والشكل العام، ليؤكد هذا التماثل على مستوى الشكل والمضمون، مع تركيز على المعاني الرمزية التي يحملها التصميم.
شكل (5) التصميم النهائي لمشهد الحانة، وكذلك المسقط الأفقي له، ويظهر فيه كيف تم تقسيم الفراغ رأسياً وأفقياً
في الشكل رقم (6)، الذي يعرض المسقط الرأسي للمشهد، تتضح العلاقات النسبية بين المساحات، الأجسام، والكتل المستخدمة في تصميم المنظر. يبرز في هذا الشكل توزيع المقاعد التي تم تشكيلها على هيئة (براميل) موزعة على مستويين؛ المستوى الأرضي (صفر)، والمقاعد الخلفية المرتفعة عن الأرض بمقدار 40 سم، مع درج بارتفاع 20 سم يصل إلى هذا المستوى.
اعتمد الباحث على هذا المسقط في تصميم المشاهد لمعالجة مشكلة الارتفاع المنخفض لواجهة المسرح الذي تم تقديم العرض عليه، بهدف الحفاظ على التناسب البصري بين عناصر الديكور والأثاث، مع مراعاة انسجام هذه العناصر مع الممثلين على الخشبة.
شكل (6) المسقط الرأسي لمشهد الحانة وفيه يظهر مدي التناسب بين الارتفاعات من المقاعد والابواب والديكور.
إن رمزية المكان تُعتبر من العناصر الأساسية في بناء النص المسرحي، حيث يمكن أن يجسد المكان مفاهيم متعددة مثل القوة، الضعف، أو حتى الاضطراب. وفي مسرحية السلطان يلهو، قام المؤلف بتوظيف المكان ببراعة ليعكس مواضيع محورية مثل الفساد، السلطة، والحرية. يظهر ذلك من خلال تصوير القصر الفخم الذي بالرغم من أنه يمثل قمة السلطة، يكشف عن عزلة السلطان واغترابه عن شعبه. ومن هذا المنطلق، يلجأ السلطان إلى التخفي، متجولًا بين الأسواق والحانات وأماكن اللهو، في محاولة للهروب من حالة الملل التي تحاصره.
هذا التوظيف الرمزي للأماكن يتجلى أيضًا في المعالجة التشكيلية للعمل المسرحي، حيث تتكامل عناصر تصميم الديكور، الإضاءة، والملابس في تقديم دلالات عميقة ومدروسة. فكل زاوية من خشبة المسرح تحمل معنى خاصًا يُسهم في بناء التجربة البصرية والعاطفية. على سبيل المثال، يمكن أن ترمز الأماكن المعزولة أو المظلمة إلى الخطر أو الهشاشة، بينما تعكس الأماكن المضيئة، سواء من خلال الإضاءة العامة أو اللحظات المخصصة، الأمل والتحرر.
وبالرغم من محدودية الفراغ المسرحي سواء على مستوي النص أو محيط الأحداث داخل خشبة المسرح، إلا أن الباحث قام بتصميم المشهد بحيث يساعد على خلق فضاء بصري يبرز صراعات الشخصيات الداخلية، ويحقق الهدف من تحقيق رؤية تشكيلة متكاملة متعددة الرموز المكانية والرموز الدرامية. معتمدا على مفردات الصورة من تصميم الديكور والاضاءة كعناصر أساسية ورمزية لتعدد المناطق داخل نفس الفراغ بأسلوب رمزي " فالمسرحيات التي تعتمد على الرمز تعد من أصعب المسرحيات إخراجا على المسرح، فهي تعتمد علي الإيقاع البصري والاضاءة لإظهار لحظات الصمت والظلال الضوئية الموحية التي تساعد علي تجسيد المعاني بالعرض ". ([6])
تلعب الإضاءة دورًا حيويًا في تشكيل التجربة البصرية والنفسية للعرض المسرحي، حيث أنها تعطي انطباعات مختلفة بناءً على درجة تشبعها. ولا يمكن لأي منظر مسرحي أن يظهر للجمهور بدون الضوء، " وللضوء أثرٌ قوي على قيم وألوان الصورة المسرحية، حتى إن التغيير الكلي لمنظر قد يتم بمجرد تغيير الإضاءة أو بالمؤثرات الضوئية الخاصة. " ([7])
ولا تقتصر الإضاءة في المسرح على إظهار الأحداث فحسب، بل هي أداة فعالة في تشكيل الأجواء المزاجية. فالإضاءة القوية تكشف كل شيء، بينما الإضاءة الخافتة تخلق هالة من الغموض وتخفي بعض التفاصيل غير المرغوب فيها، مثل عيوب الديكور أو بعض عناصر القصة التي نريد أن تبقى مبهمة "والإضاءة في المسرح فن بحد ذاته. فهي تساعد على توجيه أنظار الجمهور إلى ما نريد إبرازه، وتخفي ما نريد إخفاؤه. فالمخرج الماهر يستخدم الإضاءة كفرشاة يرسم بها لوحاته الضوئية، ويخلق من خلالها أجواءً سحرية، فعلي سبيل المثال في مشهد الجريمة، يمكن استخدام الإضاءة الخافتة لتوجيه انتباه الجمهور إلى أثر الدم على الحائط، وتجنب إظهار وجه القاتل بوضوح فالألوان الأقل تشبعًا، كالوردي، تمنح شعورًا بالراحة، بينما تحمل الألوان القوية، كالأحمر، دلالات مثل الغضب أو القلق. الألوان الدافئة، كالأحمر والبرتقالي، تجذب الانتباه وتخلق شعورًا بالحميمية، في حين أن الألوان الباردة، كالأزرق، تعزز الهدوء أو الغموض، وفقًا لدرجاتها". ([8])
ولذلك فالإضاءة المسرحية عنصر أساسي في تشكيل الصورة الكلية للمشهد، حيث تعتمد على توظيف بؤر ضوئية محددة في مواقع استراتيجية على خشبة المسرح. يهدف هذا التوظيف إلى إضفاء طابع رمزي يمنح المكان أبعادًا نفسية ومكانية، مما يعزز رمزية المكان في العرض.
تلعب سيكولوجية ألوان الإضاءة دورًا محوريًا في المسرح، حيث تعكس مشاعر وأفكاراً متنوعة، بينما تسهم شدة الإضاءة في إبراز هوية بصرية تنسجم مع رؤية المصمم والمخرج، بغض النظر عن مساحة خشبة المسرح. كما يوفر التحكم في الإضاءة مرونة إبداعية تمكّن من اختزال مناطق أو إبرازها والمزج بين أماكن مختلفة، مما يخلق تجربة بصرية غنية تُعزز إيصال رسالة العرض المسرحي بفعالية للجمهور. ويظهر ذلك في الشكل رقم (7) الذي يحتوي على ثلاث نماذج (1)،(2)،(3)، ويوضح تأثير استخدام الإضاءة في تحديد المكان وتغيير اللون لتجسيد تغييرات رمزية تعكس طابعًا دراميًا مختلفًا بناءً على درجة اللون. فالنموذج (1) تم إضاءة المكان بشكل عام لإظهار جميع الشخصيات. أما في النموذج (2)، فقد أظهر موقع محدد بإضاءة زرقاء، مما ركز الانتباه على شخصيتين وألغى ظهور الشخصيات الأخرى على اليسار. وفي النموذج (3)، أظهرت الاضاءة شخصية واحدة بإضاءة بنفسجية تعكس لحظة درامية مختلفة وأخفت الباقي.
شكل (7)(*) يوضح تأثير الإضاءة على تحديد وتغيير المكان على المستويين (الرمزي للمكان -اللحظة الدرامية)
صمَّم الباحث الإضاءة كجزء من المشاهد الضوئية المتعددة للعرض المسرحي السلطان يلهو، والذي يمثل محور البحث الرئيسي، مُقدِّمًا نموذجًا استرشادياً للمخرج. تضمن التصميم توزيع المواقع الضوئية بدقة وفقًا لأهميتها في سياق الأحداث، مع اختيار الألوان المناسبة لكل موقع وشدة الإضاءة بما يتماشى مع طبيعة كل حدث وأهميته الدرامية. كما حدد الباحث حجم المواقع الضوئية، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بحيث ترمز إلى المكان أو تعزله عن غيره ضمن نفس المشهد، تبعًا لخصوصيته ودوره الدرامي. وقد اعتمد التصميم على الإضاءة كعنصر رئيسي لإبراز الأبعاد النفسية والدلالات الرمزية والمكانية لبعض المشاهد، إضافة إلى استخدامها لعزل الأماكن أو تحديد الطابع الرمزي أو النفسي للموقع، من خلال اختيار ألوان وشدة إضاءة تتماشى مع الجو العام للمشهد. كما أسهمت الإضاءة في خلق عمق درامي ونفسي يعزز تجربة الجمهور ويزيد من تفاعلهم مع الأحداث. وذلك اعتماداً على أهمية هذا العنصر، فإن الإضاءة " تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل وتكوين المناظر المسرحية، وباستخدامها يمكن التعبير عن صفتي الزمان والمكان في العمل المسرحي، وبذلك يكون دور مصمم الإضاءة، هو خلق الجو الدرامي الذي يبرز المناظر والأزياء ويؤكد حركة الممثل على خشبة المسرح."([9])
وتعد الألوان الضوئية في المسرح أداة فاعلة تسهم بشكل عميق في تشكيل مشاعر الجمهور. فكل لون يحمل في طياته دلالات نفسية تفرد أجواء خاصة وتوجه أنظار المشاهدين نحو عناصر معينة من العرض. إن تأثير الألوان على العقل الباطن لا يُختزل في مجرد ظاهرة بصرية، بل يمتد ليصل إلى ردود فعل عاطفية ترتبط بكل لون على حدة. لذا، يحرص المصممون على استثمار الألوان لخلق تجربة مشاهدة مفعمة بالتأثير، فالألوان ليست مجرد أطياف ضوئية، بل هي طاقة حية تسري في أعماقنا وتنعكس على مزاجنا وحالتنا النفسية. " وقد تناولت العديد من النظريات تأثير الألوان الضوئية في النفس البشرية، حيث تتباين ردود الفعل وفقاً للثقافة والبيئة المحيطة. ومع ذلك، اتفق معظم أصحاب نظريات اللون على معانٍ أساسية يرتبط بها تأثير الألوان في الذات الإنسانية. وفيما يلي بعض من هذه المعاني السيكولوجية للألوان:-
وسوف يوضح الباحث في الاشكال التالية توزيع الإضاءة في المنظر النهائي الذي اقترحه الباحث، بحيث يعطي التغيير المناسب لرمزية للأماكن داخل نفس المنظر، وكيفية تغييرها بالمواقع الضوئية المتغيرة اللون بحيث تعطي التأثير النفسي المطلوب سواء للمكان او للحالة النفسية التي يريد المخرج نقلها إلي المشاهد، وقد قام الباحث بعمل تلك اللحظات الضوئية باستخدام برنامج (جوجل اسكتش اب google SketchUp ) علي الكمبيوتر(أحد أهم البرامج علي الكمبيوتر لإنشاء الرسوم ثلاثية الأبعاد ) مع الاخذ في الاعتبار الحسابات الضوئية من زوايا الميل وبعد جهاز الإضاءة عن الديكور وفقاً لإمكانيات المسرح الذي سوق يقام علي العرض.
1- الحانة قبل دخول السلطان ووزيره:-
يستعرض الباحث في التصميم المقترح للإضاءة في العرض المسرحي السلطان يلهو، موضحًا كيف يمكن للإضاءة أن تحقق رمزية الأماكن رغم ثبات ومحدودية الفراغ المسرحي. يُظهر (الشكل رقم 8) نموذجين للإضاءة ودورهما في تحديد الجو العام للحانة وتأثير تفاعل الشخصيات مع الفضاء المسرحي.
النموذج الأول (في الأعلى) يقدم مشهد الحانة باستخدام إضاءة عامة تُفتَح عليها الستارة، حيث تتم إضاءة خشبة المسرح بالكامل بإضاءة بيضاء متساوية. يُظهر هذا الأسلوب جميع تفاصيل المكان بوضوح، مما يخلق حالة من الحيادية والبساطة، ويعطي الجمهور انطباعًا عامًا عن الحانة بوصفها مكانًا يجمع الشخصيات في لحظة ثابتة وخالية من التوترات أو الديناميكيات الدرامية المكثفة. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن هذه الإضاءة مؤثرات خافتة على باب الحانة والزخارف المحيطة به على الجانبين، مما يعزز الإحساس بالمكان كفضاء ترحيبي دون تعقيدات رمزية عميقة. هذه الإضاءة العامة تُعتمد في المشاهد التي تتواجد فيها شخصيات الحانة فقط، دون السلطان أو وزيره، مما يبرز توازن المشهد وهدوءه.
أما النموذج الثاني (أسفل النموذج الأول) فيُظهر تحولًا دراماتيكيًا في الإضاءة عند دخول الشخصيات الرئيسية، حيث تتحول الأجواء إلى طابع خاص باستخدام ألوان الأحمر الوردي والأحمر الداكن. هذا التغيير في الإضاءة يُحدث تأثيرًا نفسيًا وجماليًا عميقًا؛ إذ يعكس اللون الأحمر طابع الحانة كفضاء يعبر عن اللهو والانفصال عن الواقع الخارجي، ويُضفي شعورًا بالدفء والغموض معًا. ويُعزز اللون الوردي هذا الإحساس بإضفاء لمسة رومانسية أو حالمة، تُبرز انقطاع الشخصيات عن العالم الخارجي. وتم استخدام التدرجات اللونية بدقة لخلق عمق بصري للمشهد. وتُبرز الدرجات القاتمة من الأحمر في الزوايا والأركان البُعد المكاني وتُعزز إحساس الغموض، مما يوحي بوجود تفاصيل خفية. يُظهر الانتقال بين الإضاءة العامة والخاصة دور الإضاءة في توجيه انتباه الجمهور نحو التحولات الدرامية في المشهد، حيث تصبح وسيلة سردية تعكس تغيّر الأحداث وطبيعة الشخصيات.
الشكل (8) يوضح نموذجين لتصميم الإضاءة لمشهد الحانة في بداية العرض المسرحي السلطان يلهو. يعرض النموذج الأول العلوي، الإضاءة العامة للحانة، التي تكشف تفاصيل المكان بوضوح وتُبرز المشهد ككل. أما النموذج الثاني السفلي، فيُظهر تحول الإضاءة إلى حالة خاصة تعكس أجواء الحانات التقليدية، بما يضفي على المكان طابع اللهو والانفصال عن الواقع.
2- الحانة بعد دخول السلطان ووزيره:-
تغيّر مفهوم الحانة بشكل جذري بعد دخول السلطان ووزيره متخفيين بملابس عادية، حيث بدأت الأحداث تكشف للسلطان حقيقة الثورة التي كان يتم التحضير لها نتيجة الظلم الواقع على شعبه. تجسد الحانة في هذا السياق مركزًا لتجمع الثوار ورواد الحانة الذين يمثلون جزءًا من الشعب الغاضب. يُبرز الشكل رقم (9) ثلاثة نماذج للإضاءة تُظهر تدرج رمزية المكان والحدث الدرامي للمشهد من لحظة دخول السلطان وجلوسه في الجانب الأيمن من الحانة (من منظور الجمهور).
*-النموذج الأول (أعلى):استخدمت الإضاءة العامة لإظهار المشهد بالكامل دون فصل واضح بين مناطق جلوس السلطان وجمهور الحانة. تم تسليط الضوء الأحمر على باب الحانة، ليُرمز إلى كونه المنفذ الذي ستنطلق منه الثورة. كما وُضعت بقع ضوئية حمراء في يمين المسرح، وهي منطقة تخفي شخصيات ستظهر لاحقًا، ما يعكس تحذيرًا رمزيًا ويشير إلى وجود مكان خفي مرتبط بخطة الثورة.
*-النموذج الثاني (وسط):أُضيفت بقع ضوئية مركزة على منطقتي جلوس السلطان وجمهور الحانة، مع استخدام بقعة صفراء في المنتصف كمنطقة عازلة. يهدف هذا التوزيع إلى التأكيد على الانفصال والعزلة بين السلطان وشعبه، مما يبرز البعد النفسي والرمزي للمشهد ويُظهر انعدام التواصل بين الطرفين.
*-النموذج الثالث (أسفل):في لحظة درامية، غُمرت خشبة المسرح بألوان الأزرق والبنفسجي بدرجات متفاوتة، مما خلق جوًا من الغموض والتوتر. ساهم هذا التصميم في إبراز التباين بين الشخصيات على جانبي المسرح وأمام باب الحانة، حيث يعكس الضوء الأزرق الحالة النفسية المتوترة ويعمق الدلالات الرمزية للمكان. عبر هذه النماذج، تؤكد الإضاءة على التحولات الدرامية في المكان، ليس فقط من حيث الوظيفة السردية، ولكن أيضًا على المستوى الرمزي والبصري. تُظهر التغيرات الضوئية كيف تطور مشهد الحانة من مكان عام إلى مركز للصراع، ما يعزز فهم الجمهور للبعد الرمزي الدرامي والمكاني.
الشكل (9) يوضح ثلاثة نماذج لتصميم الإضاءة لمشهد الحانة منذ دخول السلطان ووزيره متخفيين في العرض المسرحي السلطان يلهو. يعرض الشكل من خلال هذه النماذج مدى التغيير الذي طرأ على المكان من حيث تحديد المواقع والتغيير الدرامي، بالإضافة إلى الرمزية التي أُضفيت على الأماكن، حيث ساهمت الإضاءة في تسليط الضوء على هذه التغيرات وتحديدها بوضوح.
3- الحانة بعد بداية الصراع مع السلطان:-
بعد تصاعد الأحداث وكشف هوية السلطان، انقسمت الحانة إلى قسمين: الأول يضم السلطان ووزيره وبعض الحراس المؤيدين له، والثاني يجمع جمهور الحانة، الملكة، والثوار المعارضين لأفعاله. وقد استخدم الباحث الإضاءة كمعادل تشكيلي لهذا الصراع، مع مراعاة محدودية مساحة خشبة المسرح. ويُظهر الشكل رقم (10) في النموذجين الأعلى والاوسط تقسيم الفضاء المسرحي بوضوح، حيث يُبرز الباب المركزي كعنصر محوري مدعوم بالإضاءة التي تؤكد رمزيته كمدخل للتحولات الدرامية. وتمثل الإضاءة العامة والخاصة دورًا أساسيًا في إبراز التباين المكاني بين السلطان في الجانب الأيمن وجمهور الحانة في الجانب الأيسر، مما يعكس الانقسام بين أطراف الصراع. وذلك من خلال بقعتين ضوئيتين منفصلين ومتساويين في الحجم كذليل رمزي علي تكافئ القوتين وتم استخدام اللون الأخضر في المقدمة ليرمز إلى الاستقرار الظاهري، لكنه يُلمح إلى التحولات القادمة. والإضاءة الحمراء في الزوايا والجدران تشير إلى التوتر والخطر الكامن. والأزرق والأخضر في العمق يضيفان أجواء من الغموض، مما يعزز التباين بين العلن والخفاء. والإضاءة هنا ليست مجرد عنصر بصري، بل وسيلة درامية تُبرز الصراع وتوجّه انتباه الجمهور نحو التحولات الرمزية والمكانية داخل الحانة.
يوضح الشكل (10) من خلال نموذجين كيف تسهم الإضاءة في فصل وتحديد الأماكن، مما يمنحها رمزية مكانية ودرامية. يتم ذلك باستخدام الألوان وتوزيع البقع الضوئية بشكل مدروس، مما يجعل الإضاءة أشبه بعقل واعٍ يوجه انتباه المشاهد ويدعوه لتفسير الصراع الدرامي بنفسه.
4- الحانة بعد نهاية الثورة علي السلطان:-
بعد نهاية الصراع، يظهر بالشكل رقم (11) الذي يبرز الإضاءة بفصل منطقة السلطان باللون الأزرق البارد الي يرمز للضعف, وتحديد بقعتين باللون الأحمر الساخن الذي يرمز للقوة والانتصار، ويجمع بين نموذج الثوار ورواد الحانة بعد انتصارهم على لهو السلطان وعبثه.
الشكل (11) يوضح من خلال استخدام البقع الضوئية الملونة كيف تسهم الإضاءة في فصل وتحديد الأماكن، مما يمنحها رمزية مكانية ودرامية.
يتبين من خلال التحليل التشكيلي للمناظر وقدرة تصميم الإضاءة المسرحية على إبداع مساحات واسعة من التأثير البصري، أنها تخلق صورة قادرة على ترجمة المعاني الدرامية إلى صورة تشكيلية حية تنقل الصراع الدرامي وتصل إلى وجدان المشاهد. كما تساهم في التغلب على التحديات التي قد يواجهها المصمم في صياغة الفراغ المسرحي المحدود، خاصة مع صغر مساحة خشبة المسرح وارتفاعها المحدود. وقد تعامل الباحث مع هذه التحديات بحذر باستخدام منهج التماثل في التصميم، واستعمال الرمزية في الديكور والإكسسوار، بالإضافة إلى البقع الضوئية المركزة والملونة لتحديد الأماكن وفصل أخرى، مما يضمن عدم شعور المشاهد بتلك الصعوبات، وذلك بالتنسيق مع كافة أفراد طاقم العمل الذين ساهموا في إخراج العرض إلى النور.
عند تنفيذ ديكورات هذا العرض، حرص الباحث على أن تكون معبرة بدقة عن الأجواء العامة للحانة وأن تظهر بشكل واقعي. استخدم خامات بسيطة لكنها معبرة لتجنب تشتيت الانتباه أو أخذ مساحة كبيرة من التمثيل. استعاض عن العروق الخشبية المجسمة لجدران الحانة القديمة برسمها لتبدو أكثر واقعية. فيما يلي، سيعرض الباحث الرسوم التنفيذية وبعض المشاهد من تنفيذ هذه الديكورات، موضحًا كيف تعامل مع مشكلة محدودية مساحة خشبة المسرح من خلال استخدام عدد محدود من الديكورات والإكسسوارات، دون التأثير على الشكل العام للمشهد. وعند تركيبها معًا، بدت الحانة وكأنها نقلت من الواقع إلى خشبة المسرح دون الإخلال بأي جزء منها.
وفي الشكل رقم (12)، عبارة عن الرسوم التنفيذية والتوضيحية الخاصة بديكورات وإكسسوارات الأثاث المستخدم في العرض المسرحي "السلطان يلهو". تُبرز هذه الرسوم البساطة في التصميم، حيث تم توظيف تأثيرات فنية تُحاكي ملمس الحجر المستخدم في بناء الحانة، إلى جانب تفاصيل خشبية مرسومة بدقة تحاكي ألواح خسبية مربعة( العروق الخشبية) بحيث تبدو وكأنها محاكية للطبيعية. تم استغلال هذه التأثيرات على (البراميل) التي تمثل مقاعد الجلوس في الحانة، مما أضاف لمسة جمالية تعكس أجواء المكان. وستظهر هذه التفاصيل بوضوح أكبر خلال صور مراحل التنفيذ. أما المقاسات المرفقة، التي يبلغ أقصى ارتفاع لها 2.50 متر وأقصى عرض 1.60 متر، فتُبرز صغر حجم خشبة المسرح، مما يعكس التحدي الذي واجهه الباحث لتحقيق رؤية بصرية مميزة ضمن هذا الحيز المحدود.
شكل (12) يوضح الرسوم التنفيذية والتوضيحة لعرض السلطان السلطان يلهو، تم تقديمه عام 2016م
وفي الشكل رقم (13) يقدم الباحث مراحل تنفيذ الديكور والإكسسوار لعرض السلطان يلهو, معتمدا علي خامات بسيطة من الاخشاب وبعض براميل مصنوعه من اخشاب الابلاكاش المدعم بدعمات خشبية داخلية وت رسم تاثيرات الاخشاب عليها وتقديمها بلون خشبي قاتم حتي تبدو وانها قديمة وكلك رسم الاحجاز والاخشاب علي جدران البانوهات التي شكلت الحانة.
شكل (13) يوضح مراحل تنفيذ الديكور والاكسسوار لعرض السلطان يلهو، تصميم الديكور للباحث وإخراج, الفنان محمد الشبراوي ,انتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، تم تقديمه عام 2016م
وفي الشكل رقم (14) يقدم الباحث بعض الصور من العرض المسرحي وقت تقديمه عام 2016م علي مسرح مدية الطلبة بالجيزة, والصور مرتبة ومختصرة من بداية العرض وحتي نهايتة, وفيه تظهر لحظات الإضاءة التي قدمها الباحث سابقاً، والتي تم اختزال بعض اللحظات الضوئية منها طبقاً لقلة أجهزة الإضاءة بالمسرح وكذلك ضعف الإمكانات بالتجهيزات الفنية لخشبة المسرح بصفة عامة.
شكل (14) يوضح صور مختارة بترتيب الاحداث منذ بداية العرض حتي نهايتة من العرض السلطان يلهو، تصميم الديكور للباحث وإخراج, الفنان محمد الشبراوي , ومن انتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، تم تقديمه عام 2016م
وفي الشكل رقم (15) يقدم الباحث شكل الدعوة التي تم تصمميها للعرض المسرحي السلطان يلهو, وكذلك الإعلان عن العرض الذي تم تثبيته أعلي مدخل مسرح مدينة الطلبة بالجيزة.
شكل (15) يوضح نموذج الدعوة والاعلان الرسمي لعرض السلطان يلهو، تصميم الديكور للباحث وإخراج, الفنان محمد الشبراوي , ومن انتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، تم تقديمه عام 2016م
خاتمة البحث :-
إن العرض المسرحي "السلطان يلهو"، الذي قُدِّم عام 2016م على مسرح مدينة الطلبة بالجيزة، يمثل نموذجًا بارزًا لتوظيف الفراغ المحدود ورمزية المكان في تحقيق رؤية تشكيلية متكاملة تخاطب جمهور المشاهدين بفاعلية. اعتمد صُنّاع العرض والباحث على الاستخدام الدقيق لمفردات الصورة المرئية، بما يشمل الديكور، الإضاءة، واستغلال فراغ خشبة المسرح المحدودة، لتحويل القيود المفروضة نتيجة محدودية مساحة المسرح، الارتفاع المنخفض لفتحة المنظر، وقلة الإمكانيات المادية، إلى فرص إبداعية ساهمت في تقديم صورة بصرية متكاملة ومؤثرة.
عند تحليل العناصر البصرية المستخدمة، بما في ذلك الديكور، الألوان، الخامات، الإضاءة، والملابس، يظهر بوضوح كيف أسهم التصميم المسرحي في تقديم وإظهار بيئات مشبعة بالتركيز والانتباه، مما عزز من التأثير الدرامي للأحداث على الجمهور. وبهذا قدم هذا العرض المسرحي دليلاً على الأهمية الجوهرية للفراغ ورمزية المكان في العمل المسرحي، حيث أثبتت قدرة هذه الأدوات البسيطة ظاهريًا على تحقيق تأثيرات عميقة تعزز من إيصال الرسائل الدرامية.
إن هذا العرض يشكل نموذجًا لقدرة الفن المسرحي على تحويل المساحات المحدودة إلى عوالم غنية بالتجربة الإنسانية، مما يبرز الدور الإبداعي لصُنّاع المسرح في مواجهة التحديات وتحويلها إلى نقاط قوة تضيف إلى جمالية العرض المسرحي.
النتائج والتوصيات
(*) محفوظ عبد الرحمن (11 يونيو 1941 - 19 أغسطس 2017)، كاتب وباحث ومؤلف مصري، كتب للمسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما. العديد من الاعمال الدرامية من أشهرها فيلم حليم ومسلسل بوابة الحلواني. محفوظ عبد الرحمن https://ar.wikipedia.org/wiki/
([1]) حسن عطية. جريدة مسرحنا. الهيئة العامة لقصور الثقافة، وزارة الثقافة، العدد 523 , صدر بتاريخ 4سبتمبر2017
([2] ) حسن عطية. جريدة مسرحنا. المرجع السابق
([3] ) https://www.aletihad.ae/news/mahfouz-abd-elrahman-king-of-drama
([4] ) Brockett O. G., & Hildy, History of the Theatre, F. J. Pearson, usa 2014, page 167
([5] ) محمد عبد الرحمن-جريدة اليوم السابع- فرع الثقافة- تصدر عن الشركة المصرية للصحافة والنشر والإعلان عدد4/4/2022
(*)https://www.youm7.com/story/2023/3/16/ الحانات-والمقاهي-القديم
(* ) https://ar.pngtree.com/freebackground/old-wooden-barrels-placed-together-in-a-scene.html
([6] ) نهاد صليحه، التيارات المسرحية المعاصرة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997م، صفحة 34
([7])هيننج نيلمز، الإخراج المسرحي، ترجمة أمين سلامة 1961م، المملكة المتحدة، مؤسسة هنداوي للنشر 2021م، صفحة 317
([8] ) Richard Dunham, stage lighting design applications and more, USA,2019, by Routledge, p 30
(* ) Ibid.,p340
([9] ) د. محمد حامد علي، الإضاءة المسرحية، بغداد، جمهورية العراق، مطبعة الشعب، 1975, ص 242
المراجع المستخدمة