الترجمة وإعادة سرد الأحداث قراءة في أعمال منى بيکر عن النظرية السردية

Document Type : Original Article

Author

Oriental languages department ( Farsi), ALAlsun faculty, Ain Shams University

Abstract

Narrative theory is one of the most recent theories in the field of translation studies, and the beginning of the use of this theory in translation studies goes back to Mona Baker. The main features of this theory became clear in Baker's book "Translation and Conflict, A Narrative Account , published in 2006.
In this paper we do not seek to present an applied study on this theory, but rather we try to provide a reading of the broad lines of it through the works of Mona Baker to try to answer several questions about the Baker's reasons for choosing this theory, its concept of narration, ad narration from social perspective, the most important features of this theory, the mechanisms of its application,Difficulties faced by researchers who take narrative theory as a methodology for their studies, and the concept of framing and re-framing in translation, and framing textual, para-textual mechanisms.

Keywords


المقدمة: لجأت منى بيکر إلى النظرية السردية حسب مفهومها االجتماعي باحثة فيها عن ضالتها کنظرية تفي بما أرادت بيکر أن تحمله للترجمة من دور في دحض أو تأجيج الصراعات واالختالف. وليس کجسر لبناء التواصل بين الشعوب والثقافات، وفقا للنظرة الرومانسية للترجمة- حسب بيکر. وهو ما رأت بيکر أن نظريات الترجمة القائمة على الهوية ومثلها ثنائية التقريب والتغريب لفينوتي وغيرها من أنماط التنظير السائد للترجمة عاجزة على القيام به )1 .)لهذا تبنت بيکر المقاربة االجتماعية للنظرية السردية کما هي متبناه لدى متخصصين في علم االجتماع ک: " والتر فيشر" Fisher Walter و"برونر" و "سومرز" و" جيبسون" Margaret 2.R. Somers and Gloria D. Gibson ونحاول خالل هذه القراءة االجابة على عدة تساؤالت تشمل: 1 - منى بيکر: ترجمة السرديات أم سرديات الترجمة، ترجمة: حازم عزمي، مجلة فصول، العدد 66 ،المسلسل3 ،2005م. - منى بيکر: إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة: أحمد صديق الواحي، مجلة فصول، العدد 68 ،ص99،95 2 - Jerome Bruner, the narrative construction of reality, critical inquiry18, autumn 1991. - Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming the epistemological ‘‘other‘‘ : narrative and social constitution of identity, in: social theory and the politics of identity, edited by craig Calhoun. - من أي منطلق تتناول بيکر مفهوم السرد؟ - ما مفهوم السردية عند بيکر؟ - ما أنماط السرد وخصائصه؟ - ما أسباب اختيار بيکر للنظرية السردية کمنطلق منهجي لدراسة الترجمة؟ - ما هو مفهوم التأطير ) إعادة التأطير(؟ ولماذا التأطير؟ وما هي آلياته؟ - ما التحديات التي يواجهها الباحث الذي يتخذ من النظرية السردية منهجا لدراسته؟ 1 .السرد من المنظور االجتماعي: تعتمد منى بيکر في تناولها للسرد في کتاباتها على مفهوم السرد کما هو مطروح في النظرية االجتماعية ونظرية التواصل، وليس کما هو مطروح في علم السرد أو اللغويات. فالسرديات کما تعرفها بيکر هي‘‘ القصص التي نحکها ألنفسنا أو لغيرنا عن العالم الذي نعيش فيه )أو العوالم التى نعيش فيها(، وإيماننا بهذه القصص هو الذي يوجه أفعالنا في العالم الفعلي. والسردية بهذا المعنى ليست جنسا لغويا وال هي شکال اختياريا من أشکال )3 )التواصل’’ ووفقا للتوجه االجتماعي فالسرد هو ‘‘ شکل المعرفة کما ندرکه أول مرة فکل شيء ناتج عن سرد وکل عنصر ال ينتمي إلى شکل سردي فهو 3 - منى بيکر: إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة: أحمد صديق الواحي، مجلة فصول، العدد 68 ،ص99،95 TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 72 غير قابل للتخيل وغير مفهوم للعقل البشري’’ فالسرديات وفقا لهذا المنظور ‘‘تمثل مجموعة من القصص العامة والخاصة التي نؤمن بصحتها، ومن ثم نجعلها موجها لسلوکياتنا- وليست فقط تلک التي نرويها لآلخرين- ونتخذ منها أداة إلدراک طبيعة )1 )العالم الذي نعيش فيه ’’ . وتجادل سومرز ‘‘ أننا عبر السردية يتوافق لنا أن نعرف، ونفهم، ونصوغ معنى للعالم االجتماعي، وأنه عبر السرد والسرديات نشکل هويتنا )2 )االجتماعية’’ ) ترجمة الباحثة(. فبينما ينزع علم السرد واللغويات إلى الترکيز على نص واحد في لحظة معينة، سواء أکان ن صا أدبي ا أو سرديات شفاهية ، إال أن النظرية السردية کما هي محددة هنا تعامل السرديات- عبر کل األنواع واألساليب ‘‘بوصفها تشکيالت عديمة الشکل ومتناثرة وليست بالضرورة قص صا، محلية متمايزة )3 )ومنفصلة’’ وتجادل بيکر بأن السرديات قادرة أي ضا على أن ‘‘ تتعامل بشکل متزامن مع النص المفرد والمجموع األکبر من السرديات المنغرس فيها... بل وتتيح لنا أي ضا أن نجمع ونحلل سردية ما، ال يمکن ردها بشکل کامل إلى أي امتداد لنص من النصوص وإنما تکون مستمدة من سلسلة من )4 .)المصادر، بما في ذلک المواد غير اللفظية ’’ 2 .لماذا السرد: في شرحها ألسباب اختيارها للنظرية السردية تشير منى بيکر إلى عدة نقاط نلخصها فيما يلي: أوال: أن النظرية السردية ال تعطي أفضلية لمقوالت الهوية االختزالية کالعنصر، والجنس والعرق والدين، بل تقر بالطبيعة القابلة للتفاوض دوما بالنسبة للواقع االجتماعي والسياسي. وترى بيکر أنه ‘‘ في اللحظة الحالية من التاريخ وفي ظل ظهور نظريات وخيمة العواقب کنظرية صدام الحضارات لهنتجتون فالحاجة ليست لنظريات االختالف والهوية بل لنظريات تسلط الضوء على التالعب بسياسات الهوية وهو ما تُتيحه )5 )النظرية السردية’’ . ومن هذا المنطلق يصبح على دارسي الترجمة أن ‘‘يضعوا المترجمين 1 - المرجع السابق- نفسه 2 - Margaret R.Somers : Deconstructing and reconstructing class formation theory, narrativity, relational analysis, and social theory, in: Reworking Class, Edited by: John R. Hall, Cornell University Press, 1997, p80 3 ( منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية، ترجمة: طارق النعمان، المرکز القومي للترجمة ، القاهرة، 2018 ،ص 58 4 4 - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية ، ترجمة: طارق النعمان، ص 58 5 - منى بيکر، المرجع السابق، نفسه األفراد في إطار السرديات التي يشترکون فيها، والتي تُنبئُنا عن سلوکهم في العالم الفعلي، بما فيه سلوکهم الخطابي بوصفهم مترجمين. وال يعني هذا تجاهل حقيقة اختالف الواقع الفعلي والديني والعرقي الذي نتموقع فيه )6 )وتأثيره على سلوکنا بأشکال مختلفة ’’ . ثانيا: بناء على ما سبق ترى بيکر أن النظرية السردية تُت يح لنا أن نرى الفاعلين االجتماعيين ومن بينهم المترجمين، بوصفهم أفرا دا من الحياة الحقيقة ال مجرد تجريدات )7 )نظرية. ثالثا: تُت يح لنا النظرية السردية أن نفسر السلوک تفسي را حرکي ا ال تفسي را ثابت ا؛ ‘‘ إذ أنها تضع الفاعل داخل عالقات وقصص تتغير عبر الزمان والمکان، وتحول دون الثبات القاطع في الفعل.... فال مجال في هذه النظرية لتلخيص سلوک المترجمين أو اختياراتهم إلى تقسيمات عامة کالتقريب في مقابل التغريب، )8 )أو المثاقفة کمقابل للمباعدة الثقافية ’’ . وألن الفاعل يکون دائما جز ء ال يتجزأ من عالقات وقصص بعينها، فال مجال الدعاء الموضوعية والحيادية تجاه السرديات التي ننخرط في ترجمتها بل وتحليلها؛ ‘‘إذ تشجعنا النظرية السردية على التفکير والتشکيک في السرديات التي نتبناها وتشکل سلوکنا، لکنها في الوقت نفسه ال تفترض تحررنا من تلک السرديات )9 )حتى مع تشککنا فيها’’ . رابعا: تقر النظرية السردية بقوة البنى االجتماعية وتأثيرات النظام السائد، لکنها ال تتجاهل أيضا المقاومة اإليجابية على المستويين الفردي والجماعي، لهذا ترى "بيکر" أننا يمکننا تطبيق النظرية السردية على کل من اللغة والترجمة ، بطريقة تتيح لنا تفسير اختيارات الترجمة باإلشارة إلى السياقات االجتماعية والسياسية األوسع، ولکن )10 )دون التغاضي عن النص والحدث الفردي. من هنا نستطيع القول أن ما جذب بيکر في النظرية السردية هو ‘‘ الدينامية التي تمنحها هذه النظرية للباحث في تناول سلوک المترجمين خارج القوالب المحددة لنظريات الترجمة السائدة- کنظرية المعايير السائدة والتقريب والتغريب ونظريات الهوية التي وإن حققت ذيو عا إال أنها- حسب بيکر- تعاني من وجوه قصور شديدة، أخطرها تکتيل األشخاص الذين يشترکون في خصائص خارجية 6 - منى بيکر، المرجع السابق، نفسه 7 - منى بيکر: إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة: أحمد صديق الواحي ، ص97. - منى بيکر : المرجع السابق ، ص98 8 9 - منى بيکر : المرجع السابق، نفسه - منى بيکر، إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة أحمد 10 صديق الواحي، ص98 TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 73 معينة) مثل النساء، والسود، والمثليين جنسيا،...( في مجموعات، متغاضية عن التنوع بين األفراد داخل کل مجموعة، کما أنها تبالغ في تحديد هويات األفراد عن طريق إعطاء األسبقية لملمح واحد أو . صفة واحدة على حساب غيرها من الصفات ’’ )1) لکن النظرية السردية- کما ترى بيکر- تسمح لنا أن ننظر إلى ما هو أبعد من سلوک المترجم داخل النص باحثين في خلفيته الثقافية وسياقه االجتماعي والسرديات التي يتبناها ويعکسها بالتالي في عمله. فال مجال للموضوعية والحياد في هذه النظرية إنما هو ما نتبناه من سرديات تنعکس في عملنا سوا ء اتفقت مع ما نعيش في سياقه من سرديات أو عارضتها. 3 .أنماط السرد ودور الترجمة والمترجمين في دحض أو نشر سرديات بعينها. 3-1 .السردية األنطولوجية/ الشخصية :Ontological Narrative تعرفها سومرز وجيبسون بأنها ‘‘قصصنا )2 )الشخصية التي نحکها ألنفسنا وعن أنفسنا’’ ( ترجمة الباحثة(؛ إذ نعتمد على السرديات األنطولوجية لنعرف من نکون وليس فقط لمعرفة ما نفعل. ولکي ندرک الواقع من حولنا وهذا يتطلب أن تصبح حياتنا أکثر من مجرد مجموعة قصص مختلفة ألحداث منعزلة. ‘‘ فالسرديات األنطولوجية ح ول األحداث لحلقات متسلسلة. ويتصرف الناس تُ بدورهم وفقا لکيفية فهمهم لمکانهم في أي عدد من السرديات المعطاة وإن کانت منفصلة )3 )ومتناقضة’’ ) ترجمة الباحثة(. وکما تشير بيکر ففي السردية الشخصية يکون الشخص هو موضوع السرد ‘‘ ويشمل هذا النوع من السرديات: الروايات المؤقتة التي نتبادلها مع العائلة والزمالء عندما يسألوننا عما فعلناه أو کيف شعرنا في مناسبة معينة، والقصص التي نحکها ألنفسنا ولآلخرين عن حالنا وکيف نتواصل مع العالم من حولنا، وسرديات الشخصيات العامة من أمثال نيلسون مانديال وإدوارد سعيد ممن تجذب حيواتهم الکثير من االهتمام. وکذلک السير الذاتية )4 )فجميعها سرديات شخصية’’ ) ترجمة الباحثة(. - منى بيکر المرجع السابق، ص97 1 2 - Margaret R.Somers : Deconstructing and Reconstructing Class Formation Theory, P.84. 3 - Ibid, P.84. 4 - Mona Baker; Narratives Of Terrorism And Security: ‘‘ Accurate‘‘ Translations. Suspicious Frames, to appear in Critical Studies On Terrorism, 2010, P.4. 3-2 .السردية الجماهيرية : Public Narrative تصف کل من سومرز وجيبسون السرديات الجماهيرية بأنها ‘‘ قص صا تصوغها وتتداولها تشکيالت اجتماعية ومؤسسية أکبر من الفرد مثل األسرة، والمؤسسة الدينية أو التعليمية، ووسائل )5 )اإلعالم، والمجتمع’’ ) ترجمة الباحثة(. وتضيف بيکر إليهم النسق األدبي الذي ترى أنه ’’يعد من أقوى المؤسسات في نشر السرديات )6 )الجماهيرية في أي مجتمع.’’ ويمکن للسرديات الجماهيرية المتداولة في أي مجتمع أن تتغير وتتغير بالفعل أحيانا خالل سنوات أو حتى شهور، کذلک السرديات الجماهيرية حول أفراد بعينهم ممن يصبحون رم زا لشعب أو حرکات أو أيديولوجيات بعينها، فهي أيضا عرضة ألن تتغير- حسب بيکر- تغي را حا دا عبر الزمن، وتضرب بيکر المثال على ذلک بسردية نيلسون مانديال الذي کان يُص َّور بوصفه إرهابيا في الستينيات وإلى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، بسبب تأييده الستخدام العنف في حرب جنوب إفريقيا ضد التمييز العنصري في هذه الحقبة، لکنه بعد أن اکتسبت حرة مناهضة التمييز العنصري المزيد من القوة خالل السبعينيات والثمانينيات، أصبح مانديال رم زا للمقاومة، وبط ال عالميا ثم ُمن ح جائزة نوبل للسالم عام 1993م .)7( وکأمثلة على السرديات الجماهيرية تقدم سومرز وجيبسون قص صا مثل " الحراک االجتماعي )8 )األمريکي" و"الرجل اإلنجليزي المولود ح را" ( وتضرب بيکر مثا أحدث من ال ترجمة الباحثة(. خالل "السرديات المتعددة ألحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م" ، وکذلک " الحرب على العراق " التي شنها التحالف بقيادة الواليات المتحدة األمريکية في عام 2003م، وفي األسئلة الکثيرة التي تطرحها هذه السردية حول من المسؤول؟ ولماذا وقعت؟ وعدد الضحايا؟ وما شابه. وکذلک السرديات الجماهيرية عن "الديموقراطية الغربية" )9 ، )و" األصولية اإلسالمية" . السردية. 3-3 المجالية)التصورية( : conceptual/ 5 - Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming The Epistemological "Other", P. 62. 6 - منى بيکر، الترجمة والصراع ، حکاية سردية، ترجمة: طارق النعمان، ص107 7 ( منى بيکر ، المرجع السابق، ص 109. 8 - Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Previous, P.62 9 - منى بيکر: الترجمة والصراع حکاية سردية ، ترجمة طارق النعمان، ص108. TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 74 disciplinary narrative عرف سومرز وجيبسون السردية المجالية بأنها تُ ‘‘المفاهيم والتفسيرات التي نبنيها کباحثين ’’)1 )اجتماعيين ) )ترجمة الباحثة( وتشرحان أن: ‘‘ الخاصية السردية تواجهنا بتحد مفاهيمي يتمثل في قدرتنا على تطوير مفردات تحليلية اجتماعية جديدة، يمکنها أن تستوعب فرضية أن الحياة االجتماعية بأکملها، وبکل ما تشمله من تنظيمات وأفعال وهويات، تنبني جميعا في صورة سردية، أي تنبني عالئقيا، وزمانيا من خالل التفاعل بين )2 )السرديات األنطولوجية والعامة’’ ) ترجمة الباحثة( وتوسع بيکر هذا التعريف ليتضمن السرديات المجالية في أي حقل من حقول المعرفة ف عر ، وتُ السردية المجالية بأنها : ‘‘ قص صا وتفسيرات يوسعها الدارسون في أي حقل ألنفسهم ولآلخرين )3 )بالنسبة ألي موضوع من موضوعات البحث’’ . و سع ويُ فکل مجال معرفي -کما تشير بيکر- يُ ثري مجموعة سردياته التصورية الخاصة. ويمکن أن يتجاوز تأثير بعض السرديات التصورية حدود الحقل التخصصي لتؤثر على نطاق أوسع بل وعلى العالم ککل. وتضرب بيکر المثال على هذه السرديات بنظرية دارون عن االنتخاب الطبيعي، وکتاب صوميل هنتنغتون Phillips Samuel Huntington" صدام الحضارات وإعادة صنع النظام العالمي" و" العقل العربي" لرفائيل باتاي .Raphael Patai )4( فيما يتعلق بکتاب صدام الحضارات لهنتنغتون ترى بيکر أن ‘‘سردية هنتنجتون تضع الغرب بقيادة الواليات المتحدة في مرکز )5 )الهيمنة السياسية’’ وأن کتابه هذا قد ‘‘ أصبح مرج عا رئي سا بالنسبة إلدارة بوش، وقد ارتبطت السرديات التي فرخها بالسرديات الجماهيرية الرسمية للحادي عشر من سبتمبر، 6 )والحروب على العراق وأفغانستان’’ . ومن وجهة نظر بيکر تکمن خطورة طروحات هنتنغتون حول صدام الحضارات وتصنيفه إياها فيما أشارت إليه بأنه ‘‘ کلما أخذت النخب توظف خطابا يتحدث عن التحديات 1 -Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Pervious , P. 62. 2 -Ibid, P. 63. 3 - منى بيکر : الترجمة والصراع حکاية سردية، ترجمة طارق النعمان، ص118 4 - منى بيکر: ترجمة السرديات أم سرديات الترجمة، ترجمة: حازم عزمي، مجلة فصول، العدد 66 ،المسلسل3 ،2005م ، ص24 5 - منى بيکر: الترجمة والصراع، ترجمة: طارق النعمان، ص120. 6 - منى بيکر: المرجع السابق، نفسه والصراع مع اآلخر فإن هذا... يغذي العنف )7 )ويصاحبه.’’ 3-4 .السردية الشارحة) الکبرى( تحدد سومرز وجيبسون السرديات الشارحة بأنها السرديات التي نکون منغرسين فيها کفاعلين معاصرين في التاريخ... التقدم، االنحطاط، التصنيع، التنوير إلخ. بل ويمکن أيضا للسرديات الشارحة أن تکون الدراما الملحمية لزماننا: الرأسمالية في مقابل الشيوعية، الفرد في مقابل المجتمع، البربرية/ الطبيعية في مقابل التحضر.’’ )8( ) ترجمة الباحثة(. وتضرب بيکر مثاال للسرديات الشارحة في عصرنا الحالي بسردية ‘‘الحرب على اإلرهاب ’’ والتي ترى أنها تکتسب منزلة السردية الشارحة المدعومة والرائجة عبر عدد هائل من القنوات على امتداد العالم بأسره والتي تجتاز الحدود الجغرافية والقومية وتؤثر مباشرة على حيوات کل واحد منا )9 )في کل قطاع من قطاعات المجتمع. 4 -خصائص السردية : ترکز سومرز وجيبسون على أربع سمات رئيسة لما يسميانه بالسردية المعاد تأطيرها وهي: -:الزمنية 1-4 تشرح بيکر أن الزمنية ‘‘ ال تعني أن األحداث تُحکى في الترتيب الصحيح لکي تعکس فحواها الصحيحة، بل تعني أن السرد زمني بشکل غير قابل للتقليص، وهو ما يعني أن عناصر السردية تکون موضوعة دوما في ترتيب ما، وهذا الترتيب )10 )التي تکون موضوعة فيه يکون ذا معنى.’’ وتطور هذا المفهوم ؛ مبينة أن ‘‘ التسلسل يمثل مبدأ منظما في تأويل الخبرة، وأن األحداث والعالقات واألبطال الذين يشکلون أي سردية يجب أن يکونوا موضوعين في سياق تتابعي وتشکيل ’’ )11 )زمني وفضائي يجعل هذه السردية مفهومة. ويرى برونر Bruner أن الزمنية يمکن التعبير عنها بطرق شتى إذ أنه ‘‘ حتى وسائل اإلعالم غير اللفظية لها تقاليد زمانية سردية، کما هو تقاليد شرائط الکرتون - من اليسار إلى اليمين أو من أعلى ألسفل- ونوافذ الکاتدرائيات، وما تتضمنه کل 7 - منى بيکر: المرجع السابق، نفسه 8 - margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming the epistemological ‘‘other‘‘, P. 63. - منى بيکر، الترجمة والصراع، ترجمة طارق النعمان، ص128 9 ) ) منى بيکر : الترجمة والصراع، حکاية سردية، ترجمة طارق 10 النعمان، ص 140 ) ) منى بيکر، المرجع السابق. 11 TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 75 )1 )هذه األشکال من أشکال السرد’’ ) ترجمة الباحثة( بناء عليه فالمقصود من الزمنية ليس الترتيب الدقيق لألحداث في تسلسل زمني صارم، بل إن التسلسل الذي توضع فيه األحداث هو ما يعطيها هذه التراتبية الزمنية وکما تشرح بيکر ‘‘فإن التسلسل الذي تُعرض فيه سردية ما يکون مکونا لتلک السردية بالمعنى الذي يوجه ويقيد ترجمة معناها... ذلک أن کيفية ترتيب العناصر هذا يخلق ح ول مجموعة األحداث المعزولة صالت وعالقات تُ )2 . )إلى حکاية متماسکة’’ وهذا الترتيب نجده في تصميم الصور أو تصاميم األنفوجراف وما ترمي إليه. وترى بيکر أن الزمنية تعني أي ضا ‘‘.. کل شيء ندرکه، وسردياتنا عن العالم حافل بالتاريخ. وأن التاريخ بدوره، وظيفة للسردية... وتعني عيد تمثيل أن سرديات اليوم تُ شف التاريخية ر وتُ سرديات الماضي القريب وکذلک الماضي البعيد. بل إنها أيضا تمثل مصدرا يرتکز عليه الرواة لکي يعززوا التماهي مع سردية راهنة ليثيروها بتفاصيل . إذا يتم في هذه الحالة استدعاء )3( ضمنية’’ سرديات تاريخية قديمة لدعم السردية الحالية. سواء کان ذلک بتوظيف الصور أو باستدعاء سرديات کالمحرقة أو حرب األفيون وتوظيفها في سياقات جديدة لتخدم بشکل أفضل مصلحة الراوي وأجنداته. -: العالئقية 2-4 فيما يتعلق بالبعد العالئقي تؤکد سومرز وجيبسون أن ‘‘ السرد يحول دون الشعور بالمعنى المفرد لظاهرة معزولة، وأنه يطالب بأن نتعرف على معنى أي حدث منفرد فقط من خالل العالقة الزمنية والمکانية له مع األحداث األخرى فعناصر السرد يعتمد تفسيرها على موقعها وسط العناصر )4 )األخرى المکونة للسردية’’ ) ترجمة الباحثة(. وقد خلصت الباحثتان إلى أن: ‘‘ السمة الرئيسية للسرد هو أنه يجعل الفهم يتم فقط من خالل ربط األجزاء ) وإن کانت غير متناسقة( لتکوين بناء أو شبکة اجتماعية) مهما کانت غير متسقة أو غير قابلة للتحقيق( مؤلفة من )5 )ممارسات رمزية ومادية’’ ) ترجمة الباحثة(. ( 1 )Jerome Bruner: The Narrative Construction Of Reality, p. 6. ) ) منى بيکر : المرجع السابق، ص143 2 ) ) منى بيکر: المرجع السابق، ص151 3 ( 4 ) Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming the epistemological ‘‘other‘‘, p 59 ( 5 )Ibid, P.59. ‘‘وحسب بيکر فمن أشکال توظيف العالئقية في بناء السرديات خالل عملية الترجمة، ما نجده في استخدام خيارات ترجمية محملة سلفا بمعنى عالئقي في ثقافة الوصول مما يغير ويشوش السردية المنطلق، خاصة إذا أخذنا قصد المترجم )أو السارد( والخلفية المعرفية لدى المتلقي في )6 )االعتبار’’ . وتضرب بيکر المثال على ذلک مستشهدة بدراسة أ ج ُ ري ت حول الترجمة اإلنجليزية لکتاب ‘‘مذکراتي لهدى شعرواي ’’ الصادر عام 1981م، وقد صدرت ترجمته اإلنجليزية بعنوان: "سنوات الحريم: مذکرات امرأة مصرية نسوية" Harem years: memoirs of an Egyptian feminist عام 1989م. وفي إطار التوظيف العالئقي تشير الدراسة إلى توظيف کلمة ‘‘حريم’’ harem بدال من الترجمة القياسية لکلمة ‘‘حرم’’ وضمن اإلشارة إلى أن کلمة ‘‘حريم’’ لم تستخدم في المصدر العربي سوى مرة واحدة على مدار 457 صفحة، في حين استخدمت هذه الکلمة 25 مرة في مقدمة النسخة االنجليزية فقط ، ومرات أکثر بکثير في المالحظات والتعليقات الختامية. تشير بيکر إلى أن تأثير هذه االستراتيجية يتمثل في صبغ السردية المنطلق بصبغة الحريمية الغائبة عن النص )7 )المصدر. وإذ ما أخذنا في االعتبار اإلطار الغربي للحريم ‘‘کمکان للتزاوج خارج إطار الشرع والالأخالقية المفرطة’’ نجد أن الترجمة اإلنجليزية بتوظيفها لهذه الکلمة قد حولت قصة حياة شعراوي کشخصية عامة إلى اإلطار المتبنى في النسخة االنجليزية. وهو ما يتضح جليا من خالل هذا التعليق على عنوان الترجمة المقتبس لدى ‘‘سهاد الشريف’’ ُ ومضمونه أن ‘‘.... "سنوات الحريم’’ يُ عد اختيارا ذکيا.. إذ أن کلمة ‘‘حريم’’ تحتوي على نوع من اإلثارة للقارئ الغربي، وليس اإلنجليزي فقط. فهي ‘‘ تستدعي مجموعة من الصور الغريبة’’ کما تعترف المترجمة نفسها. فعنوان کسنوات الحريم قد يثير ‘‘صورا مثيرة لإلعجاب لنساء عاريات )ربما( يمارسن أنشطة جنسية مع سيد ذکر بينهن." )8( )ترجمة الباحثة(. وهنا تکمن خطورة الصبغة الحريمية التي أضفتها الکلمة على السردية في النسخة المترجمة يُ َّوظ ف في الترجمة، يختلف والتي تثير بع دا عالئقيا م تما ا عن الصورة واإلطار المتبنى في النص المصدر، وبالطبع ال يمکننا هنا التعامل مع اختيار 6 ( - منى بيکر: الترجمة والصراع، ترجمة: طارق النعمان، ( - منى بيکر: المرجع السابق، ص 161 7ص160 ،161 ( 8 ) Souhad S. H.ALSharif, Translation In The Service Of Advocacy , P 76. TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 76 اللفظ ‘‘حريم’’ في الترجمة کمجرد خيار ترجمي ف بشکل عشوائي من قبل المترجم. ُوظ الشکل اآلخر من أشکال العالئقية نجده في تجنب المترجمين والمترجمين الشفهيين الستخدام مکافئات داللية بعينها لمفردات في نص أو تلفظ الوصول، خاصة عندما تکون هذه المکافئات منغرسة في سرديات مختلفة وقد تکون سلبية في ثقافة الوصول. وکما تشير بيکر‘‘ من المستحيل أن تستخرج مفردة من سردية معينة أو مجموعة من السرديات وأن تعاملها بوصفها وحدة داللية )1 )مستقلة’’. إال أن ممارسة المترجمين والمترجمين الشفهيين في مثل هذه المواقف ، يکون محکو ما بنواياهم، وبالسردية التي يتبنونها وباهتمامات المؤسسات التي يعملون لصالحها. فقد يختار المترجمون استخدام صيغ بديلة لتجنب استحضار الروايات التي تلحق الضرر بمجموعات أو مجتمعات معينة، وقد يختاروا استخدام معادالت مباشرة ذات دالالت سلبية في الثقافة المستهدفة . حيث يتم تسليط الضوء على مثل هذا األلفاظ / المعادالت في محاولة لحقن النص المستهدف بإشارات تخدم اهتمامات المترجمين ومؤسساتهم في )2( صياغة سرد سلبي عن ثقافة المصدر. 4-3 التوظيف االنتقائي: حسب سومرز وجيبسون فإنه لکي تُصاغ سردية متماسکة فالبد من عملية فلترة األحداث هذه، بانتقاء عناصر واستبعاد أخرى، وعملية الفلترة هذه تکون مدفوعة تيميا. ما يعني أن استخدام تيمات بعينها يستدعي واقعا معينا، ويقيمه، ويحکم عليه. فاستخدام تيمات مثل‘‘ الزوج بوصفه المعيل’’، و‘‘ النساء ينبغي أن تکن مستقالت قبل کل شيء’’ سيستدعي انتقائيا وقائع العالم االجتماعي، ويضعها في إطار سياق ما، ويُقي م هذا السياق معياريا )3( ( ترجمة الباحثة(. ولکن بيکر ترى أن المسألة ليست مجرد مسألة تيمة السردية أو موضوعها المرکزي الذي تحکم عملية التوظيف االنتقائي‘‘ بل أي ضا مسألة موقعنا في الزمان والمکان، وتعرضنا لمجموعة معينة من السرديات الجماهيرية، والتصويرية والشارحة التي )4 )تشکل إحساسنا.....’’ وهناک عامل أخر يرتبط بعملية التوظيف االنتقائي أشارت إليه بيکر وهو ’’ قيمنا الخاصة’’- أي القيم التي نشترک فيها کأفراد أو مؤسسات- ) 1 ) منى بيکر: الترجمة والصراع ، ترجمة، طارق النعمان، ص162. ) 2 ) منى بيکر: المرجع السابق، نفسه. ( 3 )Margaret r. Somers and gloria d. Gibson: Reclaiming The Epistemological ‘‘Other‘‘, P 60. ) 4 )منى بيکر: المرجع السابق، ص176. وحکمنا في إذ ما کانت العناصر المنتقاة تشکل )5 )سردية معينة تدعم أو تقوض تلک القيم.’’ تستشهد الشريف ببعض اآلراء في دراسات ما بعد االستعمارية توضيحا لعملية االنتقاء في مجال الترجمة إذ تجادل هذه اآلراء بأن‘‘ األعمال منة المکتوبة من مؤلفين ينتمون لثقافة ُمهي - مهيمن عليها- يتم اختيارها للترجمة إلى الثقافة المهي منة إذا کانت تتناسب والمفاهيم السائدة في الثقافة المستهدفة عن الثقافة المصدر، في حين يتم تجاهل )6 )األعمال التي قد ال تتناسب مع هذه المفاهيم.’’ ( ترجمة الباحثة(، وتضرب الشريف مثاال على ذلک بأحد اآلراء حول أسباب النجاح الذي حققته أعمال نجيب محفوظ عند ترجمتها إلى اللغات األوربية؛ إذ يُرى أن نجاح أعمال محفوظ التي اختيرت للترجمة للغات األوربية يرجع لتوافق هذه األعمال مع القيم األوروبية وتوقعات الثقافة المستقبلة حول طبيعة المجتمع المصري، وهذا في مقابل أعمال محفوظ التي سبقت عام 1976 والتي تبعد عن مثل هذه القيم والتوقعات لدى الثقافات المستقبلة لهذا لم تالقي نفس )7 )االهتمام للترجمة کغيرها. )ترجمة الباحثة( وفيما يتعلق بالتوظيف االنتقائي في األدب والترجمة األدبية تشير بيکر إلى أنماط الحذف التي ينتهجها المترجمون في الحقل األدبي، والناتجة عن الممارسة الرقابية سواء الخارجية أو من الذاتية لدى )8 )المترجم نفسه. 4-4 التحبيک السببي: تجادل سومرز وجيبسون أن اتصال أجزاء السردية هو عامل مهم وأساسي في فهم هذه السردية، وذلک ألنه يحول األحداث الفردية إلى ‘‘حلقات في سلسلة مفهومة يمکننا أن نکون رأيا حولها. وهذا االتصال ال يمکن تحقيقه إال من خالل التحبيک وليس من خالل الترتيب الزمني أو الموضوعي لألحداث." فالتحبيک السببي يساعد في تفسير األحداث المستقلة وتقييمها، لکي يتمکن المتلقي من فهم أهمية ربط هذه األحداث ببعضها، أو فهم الخيط القصصي الذي تدور القصة في )9 )إطاره.’’ ) ترجمة الباحثة( أما بيکر فترى أن التحبيک السببي يعنى‘‘ أن شخصين يمکن أن يتفقا على مجموعة من الوقائع أو األحداث لکنهما يختلفان بقوة حول کيف يفسرانها )10 )في عالقتها ببعضها البعض’’ . وتضرب بيکر ) 5 )- منى بيکر: الترجمة والصراع، حکاية سردية، ترجمة: طارق النعمان، ص183. ( 6 ) Souhad S. H.ALSharif, Translation In The Service Of Advocacy, P 60. ) Ibid. 7 ( ) 8 ) منى بيکر: المرجع السابق، ص254. ( 9 ) Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming The Epistemological ‘‘Other‘‘, P 59 ) 10 ) منى بيکر: المرجع السابق، ص167. TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 77 المثال على ذلک بصراعات الشرق األوسط التي تصور إحداها االغتياالت اإلسرائيلية المستهدفة ألشخاص بعينهم من الفلسطينيين بوصفها ردود أفعال على الهجمات اإلرهابية التي يقوم بها الفلسطينيون، بينما تصور سردية أخرى التفجيرات االنتحارية الفلسطينية بوصفها نتاجا حتميا لإلرهاب اإلسرائيلي. ويمکن للمناصرين للسرديتين أن يقبلوا وقوع األحداث وأن يتفقوا حول تفاصيلها، إال إنهم يختلفون وبقوة حول کيفية ربط األحداث ببعضها، )1 )ودوافع الفاعلين في کل مجموعة. وترى أي ضا أنه في الترجمة يمکن أن يُ عاد تشکيل التحبيک السببي ببساطة من خالل اختيارات المکافئات في عملية الترجمة، ما يدعم خط سردي معين على حساب خطوط أخرى. وفي الترجمة ال تتوقف عملية التحبيک على توظيف المکافئات الترجمية فحسب، ولکن أيضا من خالل وضع األحداث في ترتيب معين، وأيضا توظيف عناصر داخل أو خارج النص تخدم هذا الخط السردي المتبني من قبل القائم على السرد/ الترجمة. هذه هي الخصائص األربعة للسردية المشترکة في إطار عمل کل من سومرز وجيبسون وبرونر، ولکن سمة خصائص أخرى للسردية أضافها برونر وتناولتها بيکر بالشرح في إطار نظريتها ، وقد تمثلت في: الخصوصية، والنوعية، والمعيارية/ القياسية والخرق، والتراکم السردي، 5 -مفهوم التأطير عند بيکر ودوره في إعادة صياغة السرديات خالل عملية الترجمة. تبلورت نظرية األطر على يد عالم االجتماع األمريکي "إرفنج جوفمان" Goffman Erving من خالل کتابه ‘‘تحليل األطر’’ الصادر عام 1974م، وقد تناول جوفان األطر متعقب ا لألنثروبيولوجي البريطاني "جريجوري باتسون " Batson Gregory .ويُ عرف جوفمان اإلطار بأنه ‘‘ بناء محدد للتوقعات التي تستخدم لتجعل الناس أکثر إدراکا للمواقف االجتماعية في وقت )2 )ما.’’ يحظى مفهوم التأطير حالي ا بمکانة أساسية بالنسبة لمجموعة واسعة من التخصصات. إذ يمکننا أن نجد عمليات واستراتيجيات التأطير في تخصصات مختلفة من أدب، ودراسات لغوية، وتحليل الخطاب، وکذلک فى العلوم السياسية والذکاء االصطناعي، ودراسات االتصال واإلعالم، ) 1 ) منى بيکر: المرجع السابق، نفسه. 2 ص22نسرين محمد عبده حسونة: نظريات اإلعالم واالتصال، 2015 ، https://www.alukah.net/culture/0/82373/ وعلم االجتماع، واألنثروبولوجيا وعلم النفس. ويستخدم الدارسون على اختالف تخصصاتهم مصطلحات مختلفة لإلشارة للمفاهيم المتداخلة أو )3 )المشترکة المتعلقة باألطر والتأطير. إال أن البداية الحقيقية لنظرية األطر کانت خالل فترة الثمانينيات من القرن العشرين، والتي تُجسد البداية الفعلية لمالمح هذه النظرية ذات الصلة القوية بمفاهيم التفاعل الرمزي والواقع االجتماعي. في العلوم کبيرا حيث حققت نظرية األطر رواجا ف ت في العديد من االجتماعية المختلفة، و ُوظ المجاالت مثل علم النفس وعلم النفس المعرفي عند بيتسون عام 1972م، وتفيرسکي وکينمان Kaneman& Tversky ، واللسانيات وتحليل الخطاب عند فان دايک dijk Van 1977م، وتانين Tannen 1993 م، واالتصاالت والدراسات اإلعالمية عند انتمان Enteman ( .)1999 ( Scheufele وشويفلي( 1993 )4( 5-1 مفهوم التأطير: يُ عرف د/حسن مکاوي و ليلى السيد )1998م( اإلطار بأنه ‘‘ انتقاء متعمد لبعض جوانب الحدث أو القضية وجعلها أکثر بروزا في النص اإلعالمي، واستخدام أسلوب محدد في توصيف المشکلة )5 )وتحديد أسبابها وتقييم أبعادها وطرح حلول لها.’’ ووفقا لهذا التعريف ، فاإلطار هو الفکرة الرئيسة التي تکسب الحدث معناه ويحدد موضوع الخالف وجوهر القضية، وأن التشکيل هو اختيار بعض الجوانب من الحقيقة لجعلها أکثر بروزا، وإعطاءها )6 )تفسير سببي وتقييم أخالقي، وطريقة معالجة. أما بيکر فتتناول مفهوم التأطير من منطلق أدبيات الحرکات االجتماعية التي تعالج التأطير بوصفه عملية تفاعل نشطة، وتعرف األطر بأنها ‘‘ استراتيجية فعالة تتضمن الفاعلية ونستطيع بواسطتها أن نشارک بشکل واع في بناء )7 )الواقع.’’ و السرديات في المنظور التي تتبناه بيکر تتشکل ُ من خالل سمات ش ر أ إليها من قبل. وتشرح بيکر أن هذه السمات لکي تعمل ولکي يتم تشکيل مجموعة من األحداث في هيئة سردية لها نمط خاص من أنماط الصياغة السببية للحبکة، البد من اضطالع القائمين بالسرد بقدر کبير من العمل الخطابي. وتشير بيکر إلى أن مفهوم التأطير يمکن أن يکون له ) 3 ) منال جمال محمود أحمد: الصياغة اللغوية للخبر في الصحف المصرية والعربية من عام 2009 إلى 2011م، رسالة دکتوراة، کلية األلسن، جامعة عين شمس، 2013م، ص11. ) 4 ) المرجع السابق، نفسه 5 - دکتور حسن عماد مکاوي وليلى حسين السيد: االتصال ونظرياته المعاصرة، الدار اللبنانية المصرية، ط1 ،1998م، ص 348. 6 - نسرين حسونة: نظريات اإلعالم، ص14. 7 - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية، ترجمة طارق النعمان، ص239 TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 78 دور فعال في توضيح بعض الطرق التي يتم من )1 )خاللها أداء هذا العمل الخطابي. فالتأطير وفقا لمنظور بيکر هو مفهوم يمکن للسارد من خالل توظيفه أن يحبک السردية التي يطرحها، بل ويفسر اختيارات المترجمين لوحدات ترجمية بعينها خالل عملية الترجمة؛ إذ أنه کما تشرح بيکر يتيح مفهوم التأطير لنا ‘‘ أن نرى االختيارات الترجمية ليس بوصفها مجرد تحديات لغوية محدودة، ولکن بوصفها اختيارات تسهم إسهاما مباشرا في السرديات التي تشکل عالمنا )2 )االجتماعي.’’ ويعنى ذلک أن اختيارات الترجمة يمکن أن يتم توظيفها لخدمة سرديات بعينها دون أخرى وهو ما يعنى تورط المترجمين الحتمي في عملية التأطير وما يترتب عليها من التحيز لطرف، أو لفکر، أو لتوجه معين على حساب توجهات أخرى يتم تهميشها أو تأطيرها بشکل سلبي. وهو ما تؤکده بيکر من خالل افتراضها أن ‘‘ المترجمين والمترجمين الشفاهيين ليسوا مجرد متلقيين سلبين للتکليفات من قبل اآلخرين، بل إن الکثيرين منهم يبادرون بمشروعاتهم الخاصة في الترجمة ويختارون بفاعلية نصوصا ويتطوعون بترجمة أعمال تساهم في صياغة سرديات محددة. کما أنهم ليسوا محترفين مستقلين... بل إنهم مثل أي جماعة أخرى في المجتمع، مسؤولون عن النصوص والخطابات التي ينتجونها، ذلک أنهم.. يترجمون نصوصا تشارک في إبداع، ومفاوضة ومساجلة )3 )الواقع االجتماعي.’’ وفي التعامل مع التأطير في الترجمة فالمصطلح األدق لالستخدام هنا هو إعادة التأطير-Re framing .ففي الترجمة يُعاد تأطير المادة المؤطرة بالفعل في لغتها وسياقها المصدر. أما عن مواضع وآليات التأطير )أو إعادة التأطير( فتشير بيکر إلى أنه يمکن االعتماد على أي مورد لغوي أو غير لغوي، أو/والموارد المرئية کاأللوان والصور والتنسيق، إضافة إلى الحيل اللغوية، مثل تغيير زمن الفعل والتعبيرات اإلشارية، والتنقل بين المستويات اللغوية.... ويمکن للمترجم أن يعتمد على سمات السردية المشار إليها سلفا لتأطير أو إعادة تأطير نصوص الترجمة. ويمکن للمترجم أن يفعل ذلک في متن الترجمة أو )4 )في حواشيها. 1 - منى بيکر: إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة: أحمد صديق الواحي، ص100 - منى بيکر، المرجع السابق، ص101 2 3 - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية، ترجمة، طارق النعمان، ص238. 4 - منى بيکر: إعادة تأطير الصراع في الترجمة، ترجمة، أحمد صديق الواحي، ص102 وقد تناولت بيکر عدد من آليات التأطير بالشرح والتمثيل خالل دراساتها کالتالي: 5-2 التأطير الزماني والمکاني: Temporal And Spatial Framing يتضمن هذا الشکل من التأطير‘‘ اختيار نص معين وإقحامه في سياق زماني ومکاني يبرز السردية التي يصورها ويشجعنا أن نرسخ روابط بينه وبين السرديات القائمة التي تمس حيواتنا، على الرغم من أن أحداث السردية المنطلق منها يمکن أن تکون موضوعه ضمن إطار عمل زماني ومکاني )5 )مختلف.’’ وکمثال على توظيف مثل هذا النوع من التأطير في الترجمة تضرب الشريف المثال ببعض الترجمات العربية ألعمال الکاتب اإلنجليزي وليم شکسبير؛ إذ ترى أن هذه األعمال يتم تطويعها من قبل البعض في الدول العربية النتقاد المجتمعات العربية وما يشوبها من فساد وتأخر، بل وانتقاد الحکومات العربية من خالل هذه األعمال. وتضرب المثال على ذلک بمحاولة الکاتب المسرحي والمخرج البريطاني من أصل کويتي سليمان البسام لتطويع مسرحية هاملت لشکسبير، وتوظيفها کعرض مسرحي لنقد واقع منطقة الشرق األوسط والمنطقة العربية، وما تشهده هذه المنطقة من حروب وصراعات، والعالقة بين العالم العربي والغرب، والدور الذي يلعبه األخير في هذه المنطقة. ليأتي عرضه المسرحي تحت عنوان‘‘ مؤتمر آل هاملت’’ ويحصد الکثير من الجوائز الدولية الفنية تقدي را لمدى نجاح الکاتب في الحفاظ على روح األصل اإلنجليزي، وتضمين الواقع ) . )6 ) الجديد في نسيج القصة المشهورة لهاملت ترجمة الباحثة( 5-3 التأطير بواسطة التسمية Labeling: ف وتُعر بيکر التسمية بأنها ‘‘ أي عملية خطابية تتضمن استخدام وحدة معجمية، أو لفظ، أو عبارة لتحديد شخص، أو مکان، أو جماعة، أو حدث أو )7 )مکون أساسي آخر في سردية ما.’’ 5 - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية، ترجمة: طارق النعمان، ص249 6 -Souhad S. H.ALSharif, Translation In The Service Of Advocacy, p 72. uk.co.alarab://httpsوآيضاااا : شرسااابير يولاااد عربياااا فاااي مختبااار ساااليمان البساااام، - مؤتمر هاملت تحصد جوائز مهرجان القاهرة المسرحي: https://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2002/ 11 7 - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية سردية، ترجمة: طارق النعمان، ص270. TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 79 وتشمل أنماط التسمية المضادة کما في: إف بي آي مکتب المباحث الفيدرالية ) وتسمية: مکتب الرعب الفيدرالي کمقابل لها( وأنماط التسمية المتنافسة کما في تسمية "أورشليم" مقاب ال "للقدس" من قبل المنظمات واألنظمة المختلفة. وتشير بيکر إلى أن استخدام أنماط التسمية لإلشارة إلى عنصر أساس يأو مشارک أساسي في و جه ويُ ق يد استجابتنا سردية ما، يوفر إطا را تأويلي ا يُ للسردية المتداولة. وتضرب أمثلة متنوعة على ذلک منها عبارة ‘‘ نساء التسرية’’ Comfort Women التي نحتتها اليابان اإلمبريالية ککناية شير إلى النساء الشابات الالئي جبرن ُ تلطيفية ‘‘ لتُ أ على تقديم خدمات جنسية للقوات اليابانية قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها’’. وأيضا التسمية التي أطلقتها جريدة ذا صن /Sun The الصادرة في بريطانيا على القصف األمريکي على العراق إذ سمته " بالغارة على بغداد"Baghdad On Blitz )1 )ککناية تلطيفية تلخص المذبحة التي حدثت هناک. :العناوين 4-5 ترى بيکر أن عناوين منتجات نصية وبصرية مثل الروايات، واألفالم والکتب ... ليست مجرد جزء من نظام تنافسي تتنافس فيه مع بعضها البعض، بل أنها تُستخدم أيضا بشکل فعال لتعيد تأطير السرديات في الترجمة. وتشرح أيضا أن استخدام العناوين إلعادة تأطير السرديات في الترجمة، غالبا ما تصحبه تبديالت في النصوص ذاتها، بما يتوافق مع الموقف السردي )2 )الذي يبرزه العنوان الجديد. 5-5 التوظيف االنتقائي للمادة النصية: وتشرح بيکر أن عملية التوظيف االنتقائي للمادة النصية هذه تُدرک في أنماط الحذف واإلضافة المصممة لتُقمع، أو تُبرز، أو تُشکل جوانب معينة لسردية مشفرة في النص المکتوب أو المنطوق المنطلق منه، أو جوانب من السردية أو السرديات )3 )األوسع المغروس فيها. وال يعني هذا التخلي عن أهمية أنماط المستوى األعلى من االنتقائية، حسب بيکر، سواء فيما يتعلق باحتواء أو استبعاد نصوص محددة أو مؤلفين محددين، أو لغات، أو ثقافات بعينها. وتشرح بيکر ذلک من خالل عمليات االنتقاء في الترجمات األدبية )4 )والنصوص اإلعالمية وکذلک الترجمة الشفاهية. 6 -مجاالت بحث النظرية السردية تحت مظلة دراسات الترجمة 1 - منى بيکر، المرجع السابق، ص271. 2 ( المرجع السابق، ص 282. 252 3 ) المرجع السابق، ص ( المرجع السابق، ص253 4 سلطت النظرية السردية الضوء على دور الترجمة في تأجيج سرديات أوسع وأعم کسرديات اإلرهاب والحرب عليه، وسردية اإلسالم-فوبيا، وغيرها من السرديات الشارحة التي يشترک فيها الناس من مختلف الثقافات، وذلک بتناولها ألنواع مختلفة من النصوص ، و نسج خيوط هذه السرديات عبر اللغات، واألداء اللغوي والتواصلي للمؤسسات والکيانات المختلفة بشکل عام. عزلى صعيد الدراسات التطبيقية ترى بيکر أن النظرية السردية صالحة لمعالجة مختلف أنواع النصوص بما فيها النصوص العلمية وصوال )5 )للترجمة في وسائل اإلعالم والصحافة ، وفي إشارة منها لمجاالت البحث التي تود للنظرية السردية تغطيتها مستقب أشارت إلى ’’أدب الطفل ال المترجم، والکوميديا، والتقارير اإلخبارية، والخطب السياسية، واألفالم الوثائقية، وأنواع مختلفة من وسائل اإلعالم العامة ) کمقاطع يوتيوب المترجمة(، والترجمة الشفوية العامة في أماکن مختلفة، وترجمة لغة اإلشارة، والترجمة ) ترجمة الباحثة( وقد تمثلت )6 )التليفزيونية....’’ الدراسات التطبيقية التي تبنت هذه النظرية إلى اآلن في الترجمة االعالمية والصحفية ) مثل دراسة سها )7 )الشريف( ) ترجمة الباحثة(، و ترجمة النصوص األدبية " مثل دراسة ترجمة أعمال )8 )إدوارد سعيد للحيرثاني" ) ترجمة الباحثة( وترجمة أدب الطفل. ويعد منهج بيکر عن اإلطار وتحليل اإلطار أحد المناهج األساسية في مبحث دراسات الترجمة الصحفية واإلعالمية ، ويعزي البعض ذلک الى أن بيکر اعتمدت في کثير من نصوصها التحليلية على نصوص صحفية واخبارية. )9( ) ترجمة الباحثة( وعن رؤيتها لمستقبل الدراسات القائمة على النظرية السردية ترى بيکر أن ‘‘ أساليب التحليل السردي المطبقة في دراسات الترجمة غير دقيقة ) 5 ) منى بيکر: الترجمة والصراع، ترجمة: طارق النعمان، .68،69ص ( 6 ) Mona Baker: Translation As Re- Narration, In: Translation A Multidisciplinary Approach, Edited By: Julian House, 2014, P. 174 7 ( Souhad S. H.ALSharif, Translation In The Service Of Advocacy 8 ( Mahmoud Muhammad AL-herthani: Edward said in Arabic narrativity and Para textual framing, a thesis submitted to the university of Manchester for the degree of doctor of philosophy in the faculty of humanities, 2009. ( 9 )Ropert a. Valdeon, (2015), Fifteen Years Of Journalistic Translation And More, Perspectives Studies In Translatology, 644, Https://Doi.Org/10.1080/0907676x.2015.1057187 TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 80 نسبيا حتى اآلن، وأن الدارسين الذين ينجذبون لهذه النظرية يجدون صعوبة في تطبيقها بطريقة ما، ما يؤکد ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لتثبيت )1 )قواعد هذا المنهج.’’ ) ترجمة الباحثة( فالدراسات التطبيقية المستقبلية يجب أن تقدم نماذج لتطبيق النظرية السردية توضح کيف يمکن تفعيل التحليل السردي على المستوى الجزئي، من خالل التمثيل بمجموعة أکبر من العناصر النصية وغير النصية التي تدعم عملية تطوير السرد، وهذه قد تشمل العناصر اللغوية کأنماط العناوين والتعبيرات الجديدة، والعناصر شبة اللغوية کالخط المائل والبنط العريض في الخطاب المکتوب، واللحن والنبر في الخطاب الشفاهي وکذلک العناصر المرئية کالصور والرسوم واأللوان وغيرها الکثير من العناصر، و أن هذه الدراسات يجب أن تکون قادرة على إثبات أن قدرة التحليل السردي على االعتماد على مجموعة مفتوحة ومتفرقة من األدوات والعناصر هي لتمکين هذا المنهج وتقويته وليس إلضعافه، وأن هذه الدراسات ينبغي أن تتم )2 )بشکل منهجي.’’ ) ترجمة الباحثة( هذا کله إنما يعني أن المنهج الزال يحتاج للکثير من التطبيق ليصل إلى مرحلة النضج المنهجي بصورة تجعله قابل للتطبيق على أنماط الترجمة المختلفة. أما عن تحليل الخطاب وإمکانية االستفادة منه في سياق التحليل السردي للترجمة. ترى بيکر أن ما يميز المنهج السردي عن دراسات تحليل الخطاب، هو أن المنهج السردي يفترض أن تکون وحدة التحليل في النهاية هي السردية، والتي تُفهم بمعنى القصة الملموسة لبعض جوانب العالم، والمکتملة بالشخصيات، واإلجراءات، والمخرجات أو المخرجات المحتملة، والحبکة. وهي بذلک تختلف عن دراسات تحليل الخطاب التي تهتم – حسب بيکر- بالتقاط مجموعة من األنماط اللغوية المتکررة في نص معين أو مجموعة من النصوص وربطها بالمفهوم التجريدي للخطاب . باعتباره ’’ بناء اجتماعي للواقع، أو ’’ شکل للمعرفة’’. اما في المنهج السردي فينصب الترکيز بدال من ذلک على الطرق المختلفة التي تقوم من خاللها کل من المؤسسات واألفراد سواء کانوا أقوياء او أقل قوة – بتکوين ونشر السرديات التي يتکون منها عالمنا والطرق المختلفة التي يساهم بها المترجمون في )3 )هذه العملية. ) ترجمة الباحثة( ( 1 ) Mona Baker: Translation As Re- Narration, P 174. ( 2 ) Mona Baker: Translation As Re- Narration, P 174. ( 3 ) Ibid , P.159. من خالل ما تقدم نجد أن بيکر تحاول من خالل المنهج السردي صياغة منهج يسمح بالتحقق من صياغة سرديات بعينها من خالل ترجمة فردية لنص بعينة أو عبر مجموعة من الترجمات واللقاءات المترجمة شفاهيا أو کتابيا، بحيث ال يکون االهتمام في المنهج السردي منصب بشکل أساسي على مقارنة النصوص األصلية والمترجمة لتحري مدى دقة أو عدم دقة الترجمة على المستويات اللغوية والداللية المختلفة، بل إنه حسب بيکر:’’ بدال من ذلک يحاول تحديد المخاطر التي ينطوي عليها أي مورد موضوع للدراسة والمخاطر التي يتم من خاللها خوض هذه المخاطر والتفاوض )4 )بشأنها.’’ ) ترجمة الباحثة( لهذا قد يُ ال حظ أن بيکر توظف المنهج السردي کمحکم للترجمة وللمترجمين، وتجعل من الباحث حکما يحاول تقصي المخاطر التي تنطوي عليها مفت شا في نوايا المترجمين وخلفياتهم الترجمات؛ ومرجعياتهم عبر ترجماتهم، وهو ما قد ال يکون قياسه وتقصيه باألمر اليسير. خاصة في أنماط الترجمة المختلفة األدبية منها والعلمية. في إطار النظرية السردية وتطبيقها على النصوص الصحفية ،مثال، رغم أن الکثير من الدراسات التي تبنت هذه النظرية کإطار للبحث کان منطلقها التطبيقي من خالل النصوص الصحفية، إال أن کل من هذه الدراسات تبنت جز ءا محددا من النظرية، خاصة ما يتعلق بإعادة التأطير، ومع ذلک فعند التطبيق تبين أن تطبيق هذه النظرية على نصوص صحفية لمراکز أبحاث و دراسات إعالمية – مث ال- يختلف عن طبيعة التطبيق على الصحافة اليومية أو وکاالت األنباء من حيث آليات التطبيق، فما نجده متوف را لدي البعض، أو اآلليات التي و ظَّف من قبل مؤسسات إعالمية معينة، ال يعني تُ حتما أنها تُست عمل من قبل مؤسسات األخرى ، ويرجع هذا للسياسة التحريرية لکل مؤسسة بشکل منفصل . لذا نجد أنه على الرغم مما توفره النظرية السردية من إطار عام يسمح بتقصي النمط السردي وأجزاءه عبر مجموعة من النصوص المختلفة من حيث طبيعتها شفاهية کانت أو کتابية، إال أن الباحث تواجهه مجموعة من العراقيل ، تتمثل في أن بعض األنماط التحليلية قد تتفق مع نصوص معينة کالنصوص األدبية وال تتفق مع مث والعکس صحيح. ال نصوص أخرى کالصحفية من النقاط التي غابت عن هذه النظرية، دور أيديولوجيا المترجم والمؤسسات القائمة على الترجمة في إعادة سرد وتأطير السرديات، وذلک رغم تأکيد بيکر على ‘‘انغراسنا کباحثين للترجمة في السرديات المحيطة بنا والتي تعززها مرجعياتنا ( 4 ) Ibid, P.160. TJHSS Vol. 1, Issue 2, Winter 2021 81 ؛ إال أنها لم تتوسع في )1 )وانتماءاتنا المختلفة’’ االستفادة من الجانب األيديولوجي في دراسات الترجمة، واالستفادة من نتائج هذا المبحث في إطار نظريتها. رفضا منها الستعمال مصطلح األيديولوجيا في إطار النظرية السردية؛ لما تراه في هذا المصطلح من کونه مصطلح فضفاض متعدد المشارب، والتعريفات؛ مبينة أن من يرغب في استخدام المصطلح عليه أن يحدد مفهومة بدقة في إطار دراسته، وذلک کونها لم تنفي أهمية فکرة المرجعية الفکرية والثقافية للمترجم ودورها في )2 )إعادة سرد وتأطير األحداث. الخاتمة من خالل القراءة في کتابات بيکر حول النظرية السردية يمکن استنتاج التالي: - تتناول بيکر النظرية السردية وکذلک مفهوم التأطير من منطلق الدراسات االجتماعية وليس من منطلق الدراسات األدبية واللغوية. - يتيح المنهج السردي للباحثين النظر إلى ما وراء الترجمة والسياق المحيط بها، وظروف إنتاجها ما يسهم في رسم صورة أکثر شمولية حول النصوص والسياقات التي توظف فيها، وبالطبع تسليط الضوء على خطورة مثل هذه الممارسات. - تهتم النظرية السردية في تحليلها للنصوص بعملية الترجمة على جميع مستوياتها، من خالل النص والسياق المحيط به، بل واألبعاد الزمنية والمکانية التي يتم وضع النص في إطارها. - ترفض النظرية السردية مبدا النزاهة في الترجمة وما تعده النظرة الرومانسية للترجمة باعتبارها جسرا للتواصل واعتبار المترجمين بناة لهذه الجسور، وتنزيه الخيارات الترجمية والبنى اللغوية التي يستخدمها المترجمين من التحيزات واألبعاد األيديولوجية. - ال تشترط النظرية أو تفترض أن عمليات إعادة سرد األحداث في الترجمة تتطلب بالضرورة عدم الدقة في ترجمة ونقل مضمون الرسالة المصدر عند صياغتها في لغة الهدف بطريقة تشوه النص المصدر، إال أن الطريقة التي يعاد بها بناء المادة المختارة وطريقة عرضها ) 1 ) منى بيکر: الترجمة والصراع، ترجمة، طارق النعمان، .280ص2 ( جاء ذلک ردا على سؤال طرحته الباحثة على د/ منى بيکر خالل مشارکتها في المؤتمر الدولي األول لکلية اللغات والترجمة جامعة بدر، المنعقد بتاريخ 25:23/11/2020م في مقر الجامعة بمدينة بدر - القاهرة.

وال: المراجع والمصادر العربية والمترجمة: - حسااان عمااااد مکااااوي وليلاااى حساااين السااايد: االتصاااال ونظرياتااه المعاصاارة، الاادار اللبنانيااة المصاارية، ط1 ، 1998م. - مناال جماال محماود أحماد: الصاياغة اللغوياة للخبار فاي الصاااحف المصااارية والعربيااااة مااان عاااام 2009 إلااااى 2011م، رسااالة دکتااوراة، کليااة األلساان، جامعااة عااين شمس، 2013م. - منى بيکر: إعادة تاأطير الصاراع فاي الترجماة، ترجماة: أحمد صديق الواحي، مجلة فصول، العدد 68. - منااى بيکاار: ترجمااة الساارديات أم ساارديات الترجمااة، ترجمااااة: حااااازم عزمااااي، مجلااااة فصااااول، العاااادد 66 ، المسلسل3 ،2005م. - منى بيکر: الترجمة والصراع- حکاية ساردية، ترجماة: طااارق النعمااان، المرکااز القااومي للترجمااة ، القاااهرة، .2018 - نسرين محمد عبده حسونة: نظريات اإلعالم واالتصال، ،2015 https://www.alukah.net/culture/0/82373/ ثانيا: المراجع األجنبية: - Jerome Bruner, The Narrative Construction Of Reality, Critical Inquiry18, Autumn 1991. - Mahmoud Muhammad AL-herthani: Edward Said in Arabic Narrativity and Para Textual Framing, A Thesis Submitted To The University Of Manchester For The Degree Of Doctor Of Philosophy In The Faculty Of Humanities, 2009. - Margaret R. Somers and Gloria D. Gibson: Reclaiming The Epistemological ‘‘Other‘‘ : Narrative and Social Constitution Of Identity, In: Social Theory and The Politics Of Identity, Edited by Craig Calhoun. - Margaret R.Somers : Deconstructing and Reconstructing Class Formation Theory, Narrativity, Relational Analysis, And Social Theory, in: Reworking Class, Edited by: John R. Hall, Cornell University Press, 1997. - Mona Baker; Narratives Of Terrorism And Security: ‘‘ Accurate‘‘ Translations. Suspicious Frames, to appear in Critical Studies On Terrorism, 2010. - Ropert A. Valdeon, (2015), Fifteen Years Of Journalistic Translation And More, Perspectives Studies In Translatology, 644, Https://Doi.Org/10.1080/0907676x.2015. 1057187 - Souhad S. H.ALSharif, Translation In The Service Of Advocacy: Narrating Palestine And Palestinian Women In Translations By The Middle East Media Research( Memri), A Thesis Submitted To The University Of Manchester For Doctoral Degree, 2009.